افتقاد أسباب الرشد.. فتنة أم ثورة? (1ـ 3) - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

افتقاد أسباب الرشد.. فتنة أم ثورة? (1ـ 3)

نشر فى : السبت 11 أغسطس 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : السبت 11 أغسطس 2012 - 9:09 ص

(1)

 

هكذا وصلت تجربة الخلافة إلى طريق مسدود يسكنه فقهاء لم يتنبهوا «لسوابق أبوبكر وعمر» فلم ينشئوا «مؤسسة الشورى» ولا دعموا «مؤسسة أهل العقد والحل»، ومع هؤلاء الفقهاء افتقد «نظام الحكم من يصحح مساره» حيث غاب كبار الصحابة بالهجرة أو الموت ــ وظهر على أثر ذلك جيل جديد سمع عن الشورى والمساواة ولم يرهما فى مجتمعه، فكان لابد من وجود حل لهذه المشكلة

 

(2)

 

قراءة لائحة الاتهامات الموجهة لعثمان (رض) من المتمردين الذين زحفوا من مصر والعراق على المدينة فى موسم الحج تظهر بوضوح: هبوط المستوى الفقهى لدى العوام من جيل التابعين فها هم يذكرون أسباب استباحة دم عثمان (رض) فيقولون أنه ارتكب ما يلى:

 

1ــ ابتدع جمع القرآن وحرق أوراق المصاحف الخاصةببعض الصحابة.

 

2ــ جلس على درجة رسول الله (ص) فى المنبر التى لم يجلس عليها أبوبكر وعمر.

 

3ــ لم يقتل عبدالله بن عمر جزاء قتل الهرمزان.

 

4ــ أنه حمى الحمى لابل وحيوانات الصدقة.

 

5ــ أنه لم يشهد غزوة بدر.

 

6ــ غاب عن بيعة الرضوان.

 

7ــ ضربه لعمار بن ياسر، وابن مسعود.

 

8ــ أخرج أبو الدرداء من الشام وأجلى أبا ذر من المدينة إلى اطرافها.

 

9ــ رد الحكم بعد ان نفاه رسول الله (ص).

 

10ــ كان عمر يضرب بالدرة، وضرب هو بالعصا.

 

11ــ أتم الصلاة فى منى ولم يقصرها.

 

12ــ ولى معاوية وعبدالله بن عامر، ومروان، والوليد بن عقبة. وهم جميعا أقارب لعثمان.

 

13ــ أعطى مروان خمس افريقيا.

 

14ــ وجود كتاب مختوم بخاتمة مع عامل من عمال الدولة يطلب فيه قتل الثوار المصريين.

 

وتدقيق النظر فى قائمة الاتهامات التى وجهها الثوار المتهورون لعثمان يوضح أن تلك الاتهامات تمثل أربعة مستويات هى:

 

المستوى الأول تصرفات لا تشكل تهمة ولا جرما للمواطن العادى ولا «لرجل الدولة»، بل هى قلادة تفوق فقهى يحسب لصاحبه:

 

فحينما أقدم (رض) على نسخ عدد من المصاحف طبقا للأصل المجموع فى زمن أبى بكر، وحرق الأوراق الأخرى الخاصةببعض الصحابة كعائشة وابن مسعود، كان عثمان موفقا كل التوفيق وذلك فى التمكين لكتاب الله ألا يختلف الناس عليه بسبب إصرار فردين أو ثلاثة من الصحابة على الاحتفاظ بأوراقهم التى فيها «بعض القرآن» تبركا حيث كتبوها بخط أيديهم. ولولا فعل عثمان لوجدت السفهاء الآن يزعمون تعدد القرآن وعدم مطابقة المصاحف بعضها لبعض، وما يصح أن تغض الأمة نظرها عن هذا التوفيق الإلهى لعثمان فإن فعله فى نسخ «المصحف الإمام» الذى جمعه أبوبكر هو إلهام ورحمة من الله فهل تنقلب أكبر الحسنات فتوصف بأنها جريمة ثم يعاقب فاعلها بالقتل؟

 

إنه جلس (رض) على درجة المنبر التى جلس عليها النبى (ص) خلافا لأبى بكر وعمر، وهذا التصرف من عثمان (رض) يبين «فقه رجل الدولة» ذلك الفقه النادر سواء فى زمن الصحابة أو ما بعدهم حتى الآن، فمنبر النبى (ص) له ثلاث درجات.كان النبى (ص) يجلس على أعلاها، فلما تولى أبوبكر وقف على الوسطى  تأدبا مع مقام النبى (ص)، فلما ولى عمر وقف على الأخيرة تأدبا مع الرسول ثم مع أبى بكر، فلما جاء عثمان لم يكن له بد من العودة إلى الدرجة العليا.. لأن السنة النبوية أن يقف الخطيب على المنبر، فلو وقف على الأرض لأحرج من بعده أشد الإحراج، فقد كان على الخليفة من بعده أن يغوص درجة فى الأرض وهذا غير معقول.. فلا عتاب لعثمان على هذا إلا من أحمق أو جاهل يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات