تحيا فلسطين ولا عزاء لأوكرانيا - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 2:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحيا فلسطين ولا عزاء لأوكرانيا

نشر فى : الأربعاء 11 أكتوبر 2023 - 11:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 11 أكتوبر 2023 - 11:20 م
أسقطت عملية «طوفان الأقصى» الرائعة للمقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية فى الغلاف المحتل لقطاع عزة ما تبقى من أقنعة الدول الغربية وفى القلب منها الولايات المتحدة الأمريكية التى أعلنت ليس فقط انحيازها الفاضح لإسرائيل وإنما تخليها عن ورقة التوت التى كانت تستر بها عوراتها السياسية بدعوة تل ابيب إلى محاولة تجنب سقوط ضحايا فى صفوف المدنيين الفلسطينيين، بعد أن أطلقت يد إسرائيل لارتكاب كل جرائم الحرب فى الأراضى المحتلة.
فالغرب الذى حاول طوال العامين الماضيين إقناع شعوب العالم بضرورة دعم الشعب الأوكرانى فى مواجهة الغزو الروسى، انطلاقا من دعاوى الانحياز لقيم الحرية والعدالة الإنسانية ورفض العدوان على أى دولة، والاعتراف بحق اوكرانيا حكومة وشعبا فى المقاومة والتصدى للغزو بكل السبل، يتخلى الآن عن كل هذه القيم عندما يكون المحتل إسرائيل وتكون الضحية هى الشعب الفلسطينى.
وها هو الغرب الذى يتباكى على القتلى المدنيين الإسرائيليين ومن قبلهم على القتلى الأوكرانيين، لا يتوقف عند الاف القتلى والجرحى الفلسطينيين الذين تحصدهم الآلة العسكرية الإسرائيلية، ليس فى المواجهة الحالية فقط وإنما طوال العقود الماضية.
المواقف الأخيرة أكدت بوضوح أن الغرب لا يعترف بحقوق الإنسان إلا إذا كان غربيا، ولا يعترف بحق المدنى فى الحماية إلا عندما يكون إسرائيليا أو يحارب دولة معادية للغرب كما يحدث فى أوكرانيا، أما عندما يكون القاتل إسرائيليا والمقتول فلسطينيا فلا ذكر لحقوق الإنسان ولا حديث عن العدوان على المدنيين.
وإذا كان التأييد الأمريكى والأوروبى الأعمى لإسرائيل متوقعا ومتسقا مع التاريخ العدوانى والاستعمارى للدول الغربية، فإنه لم يكن كذلك بالنسبة لأوكرانيا على الأقل بالنسبة لهؤلاء الذين أيدوا حقها فى مقاومة الاحتلال والغزو الروسي، لأنه لا يفترض أن تقف أوكرانيا التى تحارب الغزو الروسى إلى جانب إسرائيل التى تمارس جريمة الاحتلال والعدوان ضد الشعب الفلسطينى.
ففى البداية قالت وزارة الخارجية الأوكرانية «ندين بشدة الهجمات الإرهابية المستمرة ضد إسرائيل، بما فى ذلك الهجمات الصاروخية ضد السكان المدنيين فى القدس وتل أبيب، ونعرب عن دعمنا لإسرائيل فى حقها فى الدفاع عن نفسها وشعبها». ثم قال الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى على مواقع التواصل «تحدثت إلى نتنياهو لأعرب عن تضامن أوكرانيا مع إسرائيل، التى تتعرض لهجوم وقح واسع النطاق، ولأعرب عن تعازى لسقوط العديد من الضحايا».
زيلينسكى نسى أو تناسى أن الأوصاف التى أطلقها على المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلى هى الأوصاف نفسها التى تطلقها روسيا على حكومته ودولته ومقاوتهما للغزو الروسى، كما نسى أن إسرائيل تحتل الأراضى الفلسطينية بشهادة الأمم المتحدة والقانون الدولى، وتستخدم ترسانتها العسكرية الكاملة فى قتل مئات الأطفال والنساء وتدمير مئات المبانى المدنية. بل إنه تجاهل التصريح المجرم لوزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت الذى قال فيه «لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام. نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقا لذلك».
هل يتصور السيد زيلينسكى أنه على شعوب العالم الانحياز إلى جانب بلاده والتعاطف من ضحايا شعبه بسبب الغزو الروسى، فى حين أنه ينحاز إلى صف المعتدى والمحتل الإسرائيلى؟، الموقف الأوكرانى البغيض ربما يضمن لكييف استمرار الدعم الغربى لكن لا يجد معه الكثيرون من الشعوب العربية بشكل خاص مفرا من إعادة النظر فى موقفها من الحرب الدائرة فى أوكرانيا والانحياز إلى جانب روسيا ردا على تنكر أوكرانيا للقيم الإنسانية الأساسية التى كانت أساس التعاطف معها.
وأمام منح الدول الغربية إسرائيل تصريحا مفتوحا بقتل كل الفلسطينيين دون استثناء، بل وتزويد الآلة العسكرية الإسرائيلية بما تحتاجه وربما بما يفيض عن حاجتها لكى تواصل قتل الفلسطينيين دون قلق من نفاد الذخيرة، لم يعد أمام أى شريف فى العالم إلا أن يعيد النظر فى موقفه سواء تجاه الغرب عموما أو أوكرانيا ومعركتها خصوصا، وساعتها لن يجد هؤلاء غضاضة فى رفع شعار «تسقط أوكرانيا وتحيا فلسطين».
التعليقات