فى مديح التخلف - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى مديح التخلف

نشر فى : الإثنين 12 أبريل 2010 - 9:22 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 أبريل 2010 - 9:22 ص

طرح الدكتور مأمون فندى فى مقاله بجريدة الشرق الأوسط يوم الاثنين الماضى، فكرة غريبة لكنها جديرة بالتأمل، مفادها أن التخلف لا التقدم هو الأفضل لحياتنا السياسية والاجتماعية، وأن مؤسسات الدولة الحديثة التى ولدت فى أوروبا غير صالحة للنمو فى بلادنا، وأن نقلها إلينا يشبه عملية نقل عضو من جسد إلى آخر، فيلفظه الجسم وقد يؤدى إلى الوفاة، ويسهب الرجل فى شرح فكرته مستشهدا بتراجع الحداثة السياسية فى البلدان العربية جميعها، لصالح الانتماءات القبلية والطائفية.

شىء قريب من هذا كنت أقرأه فى كتابات الدكتور جلال أمين برغم أنهما يبدوان على طرفى نقيض، وإن كان الأخير يركز على سلبيات العصرنة ومؤشرات النمو التى تضعها المؤسسات الدولية، وبرأيه فإن مزيدا من التقنية والرفاهة والثروة لايعنى بالضرورة أن حياة الناس صارت أفضل، بل ربما كان العكس صحيحا، إذ تؤثر هذه الحالة على التواصل الاجتماعى وتضعف الروابط بين الناس.

وبرغم أن فندى يرمى فى ملعب السياسة فيما يقذف أمين فى ميدان الاجتماع، وبرغم أن الأول يرمينا بالتخلف، ويرى الثانى أن سعادتنا فى حداثة أقل، فإن الرسالة تكاد تكون واحدة: لاجدوى من لهاثنا خلف كل ما يأتى من الشاطىء الآخر.

كقارىء محايد أوافق على ما يقوله الكاتبان، وأبادر بطرح أسئلة لتعميق النقاش فى الموضوع: كيف جرت التحولات فى بلادنا، هل جاءت استجابة لأشواق العامة أم لإرادة الحاكم؟ هل تطورت البنى التحتية لأفكار الناس ومعتقداتهم بالقدر نفسه الذى سعت فيه السلطات إلى إحداث تغيير فى مؤسسات الدولة؟ هل تم استيراد شكل الدولة الحديثة وتفريغ الصيغة من مضمونها؟ هل فى موروثنا مايحول دون التواصل مع الحداثة؟ هل أسهمت النخبة فى الارتقاء بأفكار الناس وأرشدتها نحو الأفضل، أم أنها استسلمت لغواية إرضائها طمعا فى مكاسب قريبة؟

فى محيطنا العائلى حدثان يصلحان منطلقين للتفكير فى الموضوع: وضعت قريبتنا المتخرجة فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية والتى تعمل فى مؤسسة إعلامية رسمية مولودها السادس، نكاية فى ابنة خالتها الطبيبة التى وضعت مولودها الخامس قبل شهور، وكل منهما تقسم أنها لن تتوقف قبل أن تستسلم الأخرى، والاثنتان تتذرعان بفهم خاص للقرآن وبحديث الرسول الكريم أن «تناكحوا تناسلوا فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة»، أما أحدث عريس فى العيلة فقد تلقى من حماته «طريحة» محترمة من التوبيخ يوم الصباحية، لأنه لم يحتفظ بدماء عروسته الدالة على عذريتها على الملاءة البيضاء التى تركتها الحماة معهما لهذا الغرض، لأنها كانت تنوى أن تجوب بها القرية ليرى الناس شرف ابنتهم الناصع كشمس الظهيرة.

فانظر وتدبر.  

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات