حريم السلطان - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 10:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حريم السلطان

نشر فى : السبت 12 مايو 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : السبت 12 مايو 2012 - 8:40 ص

شغف جمهور عربى واسع بمتابعة حلقات هذا المسلسل، يرجع فى تقديرى، إلى أسباب من خارجه، أكثر من قدرته الذاتية على الجذب وإثارة الاهتمام، فالمسلسل يحقق نوعا، ودرجة ما، من الحذر الفكرى، يبعد التركيز المحموم، المرهق، فيما يدور على أرض الواقع، خاصة فى هذه الفترة القلقة، الحبلى بشتى الاحتمالات. بعبارة أخرى، يهرب العمل، بمشاهديه، من زماننا ومكاننا إلى «حريم السلطان».. أحداثه، تجرى فى الثلث الثانى من القرن السادس عشر، إبان ارتفاع نجم الدولة العثمانية، وعلاقات أبطاله، ببعضهم البعض، تدور داخل قصور الأستانة العامرة بمقتنيات واردة من شتى البلدان التى تم فتحها، فضلا على جوارى، بمختلف الأشكال والألوان، وافدات من الدول المهزومة.. وعلى طول المسلسل، ما إن تخرج الكاميرا، للحظات، إلى الأسواق، حتى ترتد سريعا، داخل أروقة وحمامات وغرف نوم وقاعات القصر، حيث ترقص الجوارى، ويصدحن بالأغانى، ليرفهن، ويدخلن البهجة إلى نفس السلطان، وفى ذات الوقت، يمتعن عين المتفرج بما يشبه أجواء «ألف ليلة وليلة».

 

كاتبة السيناريو، ميرال أوكاى، التى توفت فى 9 أبريل 2012، عن «53» عاما، تعد من الوجوه الثقافية المهمة فى تركيا، عملت فى الصحافة، وألفت عدة كتب، وكتبت سيناريوهات تسعة أفلام، بالإضافة لعدد من المسلسلات، شاركت فى بعضها، كممثلة، بدون أجر، كنوع من المؤازرة والدعم.. وفى آخر أعمالها يتجلى ذكاؤها، مبدئيا، باختيار «قماشة» عريضة، تاريخية، تصلح للامتداد، إلى مئات الحلقات. لكن القدر لم يمهلها بعد كتابة جزأين يصل الواحد منها إلى الخمسين حلقة. اهتمت ميرال أوكاى بشخصية السلطان سليمان القانونى الذى استمر حكمه من 1520 إلى 1566، لكن اهتمامها الأكبر اتجه نحو جاريته «روكسلانة» المخطوفة من أوكرانيا، والتى أصبحت خليلته، لتغدو زوجته، سلطانة ذات نفوذ قوى، مهدت الطريق كى يؤول الحكم إلى ابنها سليم الثانى. فى هذا الصعود، تمكنت «روكسلانة» ــ اسمها «هويام» فى المسلسل ــ من مواجهة الدسائس وإحباط المؤامرات ضدها، وإبقاء قلب سليمان القانونى بين أصابعها.. امرأة على هذه الشاكلة لابد أن تكون طموحة، جميلة، قوية، ذات عزيمة لا تلين، وهى هنا، بأداء الممثلة المتميزة، مريم أوزلى، ذات الجمال الفاتن، والقدرة على الانتقال الناعم من انفعال لانفعال، تبدو أعمق حضورا من الجميع، بما فى ذلك خالد أرجينك، الذى قام بدور سليمان القانونى.

 

سخاء الإنتاج، تستر على بطء المسلسل، بل على ضعف الإخراج، فلولا الرياش الناعمة والديكورات الفخمة والملابس الموشاة وتنوع الأزياء، لبدا «حريم السلطان» عملا مملا من العسير تقبله.

 

جدير بالذكر أن المسلسل أحدث انشقاقا فى الشارع التركى، ما بين مؤيد ومعارض، والأسباب سياسية واجتماعية قبل أن تكون نقدية، فنية.. فلفترة طويلة، عقب تولى كمال أتاتورك حكم البلاد وإلغاء السلطنة عام 1923، أصبح ينظر للحقبة العثمانية على أنها مجرد فقرة دامية فى التاريخ، لا تستحق الإشادة.. لكن منذ سنوات، بدأ رد الاعتبار لها، سواء فى كتابات بعض المؤرخين الجدد، والعديد من المثقفين، وهم، الذين انزعجوا من «حريم السلطان»، خاصة فيما يتعلق بصورة النساء، كجوارى وخادمات فراش، ولم يشفع للمسلسل ظهور سليمان القانونى كحاكم يريد تحقيق العدل.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات