الهجاء الظالم - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 3:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الهجاء الظالم

نشر فى : الثلاثاء 13 مايو 2014 - 2:55 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 13 مايو 2014 - 2:55 ص

فى مسلسل «هبة رجل الغراب» نشهد فتاة بخلت عليها الطبيعة بالجمال ولكن منحتها عطايا أغلى وأثمن من الفتنة الشكلية، من بينها عقل رزين يفرق بين اللون الأبيض واللون الأسود، قلب عامر بالمحبة والرضاء. صدق مع الذات ومع الآخرين إخلاص فى العمل جدية لا تعرف الكلل علم حصلته بدأب شيئا فشيئا بأداء متقن من «إيمى سمير غانم» تغدو «هبة» فى عيون المشاهدين آية فى الجمال الدافئ حتى إن المتابع يفتقدها حين تختفى عن عدة مشاهد، ربما يعانى المسلسل من بعض المآخذ، لكن حسبه أنه يقدم نموذجا يحتذى للبنت المصرية وأسرتها الصغيرة المكونة من أب طيب يخاف عليها من النسيم وأم يخفق قلبها مع زوجها وابنتها.

الأم هنا تذكرنا بطابور الأمهات المفعمات بالطيبة على الشاشتين الكبيرة والصغيرة منذ أمينة رزق وفردوس محمد إلى كريمة مختار وسميرة أحمد وغيرهن كفتهن هى الراجحة إنسانيا إذا قورنت كما وكيفا بصورة الأم فى الدراما الأجنبية سينمائيا وتليفزيونيا.

«بنتين من مصر»، «فتاة المصنع»، «الخروج للنهار»، على سبيل المثال و«ليالى الحلمية»، «ذات»، وعشرات الأعمال الأخرى قدمت المرأة المصرية بمتاعبها وآمالها على نحو نابض بالصدق جدير بالاحترام طبعا مثل كل إنتاج إبداعى ثمة أعمال ضعيفة يشوبها الوهن فى هذا الجانب أو ذاك وتقع مسئولية تقييمها وربما توجيهها على النقاد.

هذا الكلام بمناسبة توابع القرار الخائب العشوائى بمنع استمرار عرض «حلاوة روح»، الذى أدى إلى استياء عدد كبير من مثقفين ونقاد وجدوا قرار المنع من يحرق له البخور باعتباره يقضى على ظاهرة التحرش على الشاشة الفضية، ويحذر من تسول له نفسه بتشويه صورة المرأة المصرية وترك البعض قضية المنع المتعسف ليصب جام غضبه المزيف ضد الفيلم.

دخان المباخر تلاشى ودخل «حلاوة روح» ــ مؤقتا ــ فى ثلاجة اللجان، وفيما يبدو أن شعورا بالذنب أو الخجل، انتاب من آزر مصادرة الفيلم، ومنهم السفيرة ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة، وهى التى حفزت رئيس الوزراء على اتخاذ قراره الغريب غير المسبوق فى تاريخنا.. التلاوى اتبعت استراتيجية تهدف إلى توسيع جبهة الصراع بين الإبداع والأغلال وتمويهه بطمس معالمه فى ذات الوقت، فقالت كلاما ينسف بعضه بعضا من نوع تدشين «الحق المطلق فى حرية الإبداع والفكر»، وعلى أن تقوم الدولة بدورها فى الرقابة على الأعمال الدرامية بعيدا عن التناقض بين الحرية المطلقة، ووجوب تدخل الدولة لم تقل لنا الأستاذة متى وكيف تتدخل الدولة قبل أو بعد تنفيذ المسلسل، ومن المنوط به اتخاذ قرار المنع هيئة رقابة أم رئيس الوزراء؟

فى الاجتماع الموسع الذى نظمه المجلس القومى للمرأة وحضره العشرات من الكتاب والفنانين من دون أوراق تحدد مسار المناقشات اللهم إلا العنوان الفضفاض «دور كتاب الدراما فى تغيير صورة المرأة.. كيف يرونها».. بدت الكلمات المتداولة فى «المائدة المستديرة» أقرب لحوار الطرشان كل يبكى على ليلاه، فمع قلة الإنتاج بعد الثورة انطلق من لا يجد عملا، وهذا حقه فى مطالبة الدولة بإنتاج المسلسلات بادعاء تحاشى الابتذال، ومنهم فى رأى أننا نتعرض لمؤامرات تهدف لتدمير أخلاقنا الحميدة، لكن الأخطر ذلك الهجوم الذى يبلغ حد الهجاء، والذى قامت به السفيرة ضد الدراما التليفزيونية والأفلام السينمائية على نحو يشتت الانتباه بعيدا عن سابقة مصادرة الفيلم من إهالة التراب على كل الأعمال، بعد أن اعتبرت السفيرة نفسها ناقدة وباحثة ومتابعة لهذا القول الفصل، فتقول بلا تردد «نعانى من سوء تناول المرأة المصرية فى الدراما، والصورة فى السينما تعرض المرأة غامقة جدا».. فهل هذا كلام؟

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات