مزيدًا من الرشد وآداب الاختلاف - جورج إسحق - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مزيدًا من الرشد وآداب الاختلاف

نشر فى : السبت 13 يونيو 2015 - 9:30 ص | آخر تحديث : السبت 13 يونيو 2015 - 9:30 ص

لكى نتخاطب مع الآخرين بطريقة فعالة يجب أن ندرك جميعا أننا مختلفون فى الطريقة التى نفهم بها العالم وأن هذا الفهم يؤثر على قدرتنا فى التواصل، وهناك أيضا فرق بين الجدل والمناقشة، ففى المناقشة لا يسعى المتحاورون للفوز ١٠٠٪.

ومن أكثر الأشياء ضررا بالحوار أن نبدأ بطرح القضية بالتهويل والانفعال لأنه ليس بالكلام المنفعل والصراع والاندفاع يتحقق للحوار أى نتائج.

أكتب هذا بعد أن اصبح المشهد الحوارى فى مصر المحروسة فى شدة الانحطاط والانحدار والذى ستكون نتائجه وخيمة علينا جميعا، فكم البذاءات والشتائم والاتهامات الشخصية وفاحش القول فاق كل الحدود، إن كان فى الاعلام المرئى او المكتوب.

وفى زمن التردى ظهرت بعض الكتابات، فبمجرد أن ترى اسم كاتبها حتى تتيقن أن تاريخه فى البذاءة معروف فتتجنب قراءته، وآخرهمأحد الاصدقاء من كبار الصحفيين الذى كنت أكن له كل الاحترام والتقدير، كتب بذاءته الأخيرة فى إحدى الصحف مما جعلنى أسقط صداقته تماما لأنه لا يستحق هذه الصداقة.

أنا أعلم جيدا أن المناخ العام مشحون بالغضب والتوتر تأثرا بجراح الإرهاب وجراح كل من انتهك حقه فى الحياة منذ ثورة 25 يناير دفاعا عن حريته وكرامته، فكل نقطة دم شهيد منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى الآن هى عزيزة على قلب كل مصرى، إن كان هذا الشهيد من المدنيين أو الجيش أو الشرطة.

أما أن يتاجر البعض بدم الشهداء او يستخدمهم فى تحقيق أغراض دنيئة وشهرة إعلامية زائلة فهنا الاهانة الحقيقية لذكرى هؤلاء الشهداء الذين فدوا مصر وأبناءها بدمائهم الذكية وحفروا أسماءهم فى تاريخ الحرية لمصر.

فحين يأتى الصخب تجاه مبادرة لم تكن إلا فى إطار الحرص على العدالة وحماية للسلم الاجتماعى ودحرا لمحاولات استقطاب شباب جدد لجانب التطرف، فمن الواجب الوقوف والتأمل إلى أى درجة من التخوين وفقدان الثقة وانعدام الرشد أصبحت لغة الحوار فى مصر الآن.

فهذا الهجوم الشرس والظالم غير المقبول لتاريخ طويل من النضال فى سبيل مستقبل مصر لا يمكن أن يهال عليه التراب بهذه الطريقة، ولا يمكن إلا أن أشعر بألم شديد وغضب غير محدود على كل من أساء الظن وحرف الفكرة وحرض على الكراهية وعمل على الاغتيال المعنوى والسياسى بهذا الشكل غير المسبوق.

كما ايضا هالنى وأحزننى كثيرا من كتب وهاجم ظنا بأنى غير عابئ بأوجاع الامهات والآباء الذين فقدوا أبناءهم أو غير مهتم بالقصاص العادل لأبنائهم، فمن منا لا يقدر تلك الأوجاع أو يتفهم حجم الغضب وحرقة القلوب، خاصة أنه كان لديه ابناء مثلى لا أستطيع تخيل الحياة بدونهم.

> لذلك أقول مزيدا من أدب الحوار وتقبل الاختلاف، فمن حق أى رأى أن يخطئ ويصيب، بل وللجميع الحق فى قبوله أو رفضه أو نقده، أما الشتائم ولغة التخوين وتفسير الرأى على أنه مؤامرة فهذا مكانه الدرك الأسفل ونهاية للرشد والخلاف الحر الحامى للشعوب.

أما عن المزايدين والصائدين فى المياه العكرة فاقدى المضمون والضمير والرأى الحر فأقول لهم، إن هذا لن يفت فى عضدى وسوف أستمر فى نضالى مهما كان الثمن.. فقط «ارفعوا ايديكم عن مصر.. فمصر أبقى وأقوى من متاجرتكم بدمائنا».

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات