سرايا عابدين - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 4:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سرايا عابدين

نشر فى : الأحد 13 يوليه 2014 - 5:45 ص | آخر تحديث : الأحد 13 يوليه 2014 - 5:45 ص

البذخ الزائد، غالبا يحمل معه عواقب ليست على ما يرام.. هذا ما يؤكده المسلسل العجيب، المصقول، المتأنق، الذى، فيما يبدو انتقلت له آفة الفنتظزة والفشخرة التى أصابت الحاكم الطموح، الخديو إسماعيل، فأودت به، شخصيا، ومهدت لوقوع البلاد فى مصيدة الاحتلال.

الواضح أن نزعة الإبهار التى تمكنت من شركة الإنتاج، جاءت مصحوبة، برغبة محمومة، فى كتابة عبارات طنانة من نوع اضخم عمل درامى عربى إلى هذا اليوم.. «وبتواضع مزيف» منتفخ بالغرور، تواصل الشركة كلامها عن هذه التجربة التى قد تغير مفهوم الإنتاج التليفزيونى فى العالم أجمع.

بعيدا عن الأخطاء التاريخية، التى تثقل كاهل المسلسل، ويعنى أن القائمين عليه، وكاتبته، هبة مشارى حمادة، لم يبذلوا جهدا جادا فى دراسة تلك الفترة، بتضاريسها المعقدة، واستعاضوا عن التدقيق بحشد عشرات النجوم ومئات الكومبارس، عساكر، جوارى، طهاة، خدما، فضلا عن أربع زوجات مع وصيفاتهن.. كلهم، تم حشرهم فى سرايا عابدين التى ــ تاريخيا ــ لم تكن قد بنيت قبل البداية الزمنية للمسلسل.

طوال الحلقات التى تم عرضها، لم تغادر الكاميرا «السرايا» اللهم إلا للذهاب إلى قصر إبراهيم باشا فى سوريا، أو قصر الأخ مصطفى، المنافس على دست الحكم، لذا بدت افاق المسلسل ضيقة، بل خانقة، فلا حياة خارج ذلك المكان، لا شوارع ولا حوارى ولا أهالى، فقط أناس يتحركون أمامنا، فى قاعات، وغرف نوم، وحمامات، وكأننا إزاء خشبة مسرح، والكاميرا تتابع، بخمول، ما يدور من دسائس ونمائم ومشاكسات، متحاشية اللقطات الكبيرة، القريبة للوجوه، ففيما يبدو أن جماليات السرايا، بالنسبة للمخرج، عمرو عرفة، كانت أكثر إغراء فى متابعة الانفعالات البشرية.. فى القصر، حضور الديكورات والاكسسوارات أقوى وأوسع من حضور الشخصيات. اللقطات، تكتظ بالستائر، الكثيفة والهفهافة، والشمعدانات المشتعلة غالبا، واللوحات الزيتية، والمقاعد المذهبة، بالإضافة لباقات الزهور والتماثيل والرياش والسجاجيد المتنوعة الألوان.. كلها عناصر تخطف عين المشاهد بزخارفها، ولكن، تكاد تطمس معالم النجوم الكبار، الذين يرزحون تحت ثقل ملابس وطرابيش وطواقى وباروكات تأتى من باب التباهى بسخاء الإنتاج.

الأداء التمثيل، إجمالا، بالغ التهافت، سواء من المصريين أو الإخوة العرب، وسواء بالنسبة للثانويين أو الأساسيين، بما فى ذلك نجمتنا الأثيرة يسرا، التى أدت دور خوشيار هانم والدة الخديو، المتسلطة، المستاءة والغاضبة، تطالعنا بباروكة شعر حالكة السواد، أكبر من رأسها.. صحيح، يتجلى لها لمسة إبداعية كل عدة حلقات، مثل تسلل أحاسيس الرقة والرحمة والوداعة إلى ملامح وجهها وهى تتأمل، بحنو، ملامح وليد، خرج إلى الحياة توا.

فيما عدا لحظات ألق عابرة، وقعت يسرا فى شرك لغة حوار «تركى» يحاكى ما هو مكرر فى المسرح التجارى المصرى، فى الثلاثينيات، والمكتوب بهدف الإضحاك والسخرية من حكام الاستانة، فإلى جانب «عفارم» و«عفاريم» تتحدث «خوشيار» إلى وصيفتها كذكر فتقول«إزاى تاخد قرار بدون علم حظرتنا»، وأحيانا تقول «حضرتنا» تارة تنطق الحاء هاء فتردد «همام تركى» ثم تردد «حمام تركى».. وبدلا من الخديو تقول «الخديفى» ناهيك عن «سوس» و«خرسيس» و«انسراف» بدلا من «انصراف».

على الرغم من حالة التجهم التى اتسمت بها «خوشيار هانم» فإن يسرا بدت كما لو أنها تمزح، وتشارك فى عمل كوميدى أقرب إلى الهزل.. وهل يوجد «هزل» أكثر من صرف الملايين على مسلسل من الخزعبلات؟.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات