إحنا الحريفة - خالد محمود - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إحنا الحريفة

نشر فى : الأربعاء 14 فبراير 2024 - 8:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 14 فبراير 2024 - 8:00 م
يكمن سر نجاح تجربة فيلم «الحريفة» فى بساطة فكرتها وطزاجتها وكونها ابنة عصرها شكلا ومضمونا. شباب يحلمون بتحقيق ذاتهم رغم المعاناة مع الفوارق الاجتماعية والأساليب الحياتية، وكان عالم «كرة القدم» الهدف أو الوسيلة لتحقيق الحلم وتجاوز مطبات الواقع، بما يحمله هذا العالم من دراما داخل ساحة الملعب وخارجه، وقد بدا لنا أن الدنيا ما هى إلا «ملعب كبير» والبشر ينقسمون فيها ما بين مدافع وخط وسط وهجوم، وحارس أمين يتصدى لمحاولات الخصم حتى لو كان لا يملك قدرات المواجهة.
لجأ السيناريو، الذى كتبه إياد صالح، إلى أسلوب بسيط وسرد سلس فى تقديم عوالم شخصياته، كما أجاد الحبكة فى تصعيد الحدث دون أى افتعال ليولد شعورا بالتماثل وسط جمهور الشباب بقاعة العرض، وكأن كلا منهم واحد من هؤلاء البشر الذى يروى حكايته، وهو ما سهل مهمة المخرج رءوف السيد الذى عبر بصورته عن واقعية نلمسها جميعا لجيل بات من الصعب الإمساك بخيوطه، لكنه هنا نجح فى غزل ذلك الخيط بممثلين بعضهم يخوض التجربة للمرة الأولى وهو ما منح الأداء «بكارة» فى التعبير لشباب برىء من ظروفه وأوضاعه الاجتماعية، وأعتقد ان هذا هو سر الإقبال الجماهيرى الكبير على شباك تذاكر الفيلم الذى تجاوزت إيراداته الـ55 مليونا فى 5 اسابيع، وأرى ان نماذج كثيرة من شباب اليوم وجدت نفسها فى العمل.
فى سياق القصة نرى عالمين متضادين بشخوصهما، عالم المدرسة الخاصة وطلابها المتحذلقين وعالم المدرسة الحكومية التى تضم فئات من الطبقات الشعبية ولا يقهرون سوى بعضهم البعض، بينما توحدهم الظروف الصعبة كشأن كثير من المصريين.
الخيوط تبدأ من عند ماجد «نور النبوى» طالب المدرسة الخاصة ويهوى لعب كرة القدم التى يجيدها بينما تجبره الظروف الجديدة بعد تعرض عمل أبيه للخسارة، على ترك حياة الرخاء والانتقال من مدرسته الخاصة إلى مدرسة حكومية «مدرسة الأبطال الثانوية بنين»، ليواجه عالما مغايرا، لكنه يكتسب بمرور الوقت احترام زملائه بسبب مهارته الكبيرة فى كرة القدم؛ وينضم إلى فريق المدرسة فى مسابقة على أمل الفوز بجائزة كبرى قدرها مليون جنيه. يندمج ما مع زملائه «حتة وششتاوى والنص وفذلك وشلهوب» لتذوب الفوارق بفضل كرة القدم، وهنا يجب الإشارة إلى التحول الدرامى فى أداء نور النبوى المميز بين مرحلة الثراء ومرحلة المعاناة والتحدى، وايضا فى قصة حبه التى شكلت خيطا مهما، ومفترق الطرق بين عرض الاحتراف فى إسبانيا، أم لعب نهائى البطولة.. حالة نضج كبيرة تؤهله ليكون فى منطقة اخرى خاصة اذا ما اهتم اكثر بالسينما. فى الفيلم برز حوار عصرى محفز وملهم على تحقيق الأمل والاصرار على العزيمة لامس الجمهور فى اللحظة التى كان الأبطال يبحثون فيها عن 30 ألف جنيه رسوم الاشتراك فى المسابقة وغيرها من المواقف مثل هزيمتهم فى الشوط الأول بمباراة النهائى، وتخلى ماجد عن الفريق للاحتراف فى الخارج قبل ان يتراجع ويعود من المطار تاركا فرصة كبيرة من أجل فرصة أكبر، هى الإحساس بقيمة الجماعة والفريق، من تلك الجمل «لو حاربنا عشان خاطر بعض هنكسب أى حد» و«احنا الحريفة» وسط هتاف الجمهور.
هنا لا ننسى أحد المشاهد المهمة دراميا بظهور أحمد حسام «ميدو» فى دور الأستاذ محمد شلش، مدرس الرياضة والمدرب، وهو يعطيهم بلغة الكورة «دش» بين شوطى المباراة حيث كانت النتيجة 3/ صفر لصالح المدرسة الخاصة، قائلا لهم: الكورة أبيض وأسود، تكبر لما تكبرها وسط عرض فيديو مصور من أهالى الطلبة اللاعبين يحثهم فيه على ضرورة الفوز وهو ما حدث بالفعل. الموسيقى التصويرية جاءت مناسبة تماما للتصاعد الدرامى ما بين لحظات اليأس والأمل. قدم الفريق أحمد غزى «ششتاوى»، كزبرة، نور إيهاب «لانا »، خالد الذهبى «النص»، عبدالرحمن محمد «عمر» الموهبة التى تتفجر كوميديا، سليم الترك «كريم»، ريما مصطفى «ميار»، ويوسف عمر «بسام»، ادوارا مميزة بأداء تلقائى مع لقطات قليلة لشريف دسوقى «مدير المدرسة»، وبيومى فؤاد «المعلق» الذى دائما ما يقف بجوار الاجيال الجديدة، لينجح «الحريفة» بتوليفته فى مخاطبة الشريحة المستهدفة، الذين بدورهم أنصفوا التجربة سواء بشباك التذاكر أو عبر عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات