فيلم أصولى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 6:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فيلم أصولى

نشر فى : الأربعاء 14 أبريل 2010 - 11:31 ص | آخر تحديث : الأربعاء 14 أبريل 2010 - 11:31 ص

 «العملاق»، حسب العنوان العربى الذى لا علاقة له بالعنوان بالإنجليزى «كتاب إيلى»، يقوم ببطولته النجم الأمريكى دنزل واشنطن، إنه هنا يتمتع بقوة البدن، يمتلك مهارات عالية، متنوعة، فى فنون القتال، ملاكم له قبضة من فولاذ، مصارع لا يشق له غبار، مبارز لا يصمد أمامه أحد. يجيد استخدام المسدس والبندقية والمدفع الرشاش. يطالعنا فى المشاهد الافتتاحية المبهرة وهو يكاد يتخبط فى أرض أقرب للمتاهة: اللون الرمادى يغلف أشجار محترقة، بنادق صدئة، بقايا دبابات مدمرة، هياكل عظمية، جثث متفسخة، حيوان غامض، ما بين القط والضبع، يلغ فى جثة جندى قتيل، ولاحقا، نعلم أن حربا مدمرة، أو انفجارا مروعا، قضى على معظم أوجه الحياة.

ونزل واشنطن، يواصل مشواره فى اتجاه الغرب الأمريكى، ذلك أن معه رسالة مهمة يرمى لإيصالها إلى مجموعة من الناجين، تنفيذا لصوت سماوى، نابع من داخله، كلفه بهذا الأمر.. وفى مسيرته، المليئة بالعقبات الدامية، يبدو كما لو أنه فى قلب الجحيم، فثمة مجموعة من عتاة المجرمين، من ذوى الروائح الكريهة، تقطع عليه الطريق، يدخل ضدهم فى معركة تنتهى بانتصاره.. وها هو، فى رحلته، يصل لمدينة فظة، قذرة، يحكمها مستبد اسمه «كارنيجى»، بأداء خلاب من جارى جولدمان، الذى يشيع جوا مسموما، وتتجلى وحشيته حتى وهو صامت، ولأنه الوحيد الذى يعرف القراءة التى نسيها من حوله، فإنه يريد انتزاع الرسالة التى يحملها «العملاق» والمتمثلة فى «كتاب إيلى» الذى يخبئه، والذى يقرأ فيه كلما سنحت الفرصة، ولأن «إيلى» تعنى «الرب» فى اللغات السامية، فإن الأخوين هيوز اللذين حققا الفيلم يقصدان «كتاب الرب» أو «الكتاب المقدس»، بعهديه القديم والجديد، الأمر الذى يتأكد عندما يردد دنزل واشنطن بعض آياته.

لماذا يريد كرنيجى، الطاغية الشرير، الاستيلاء على الكتاب؟.. يجيب كرنيجى «سيفعل الناس ما أطلبه منهم بالضبط إذا كانت الكلمات من الكتاب المقدس».. هنا يقع الفيلم فى التناقض ويضع نفسه فى قبضتى السطحية والافتعال، فما يقوله كرنيجى يعنى أن الكتاب يساعد على الإذعان والاستسلام، لا يحتاجها الحاكم المهيمن تماما على رعيته التعيسة.. يواصل الفيلم حلقات الصراع بين الشرير والطيب. وإذا كان كرنيجى نجح فى انتزاع الكتاب وإصابة حامله، فإن «العملاق» يتحامل على نفسه متجها إلى الغرب، وعلى طريقة «451 فهرنهيت» يقوم بإملاء الكتاب الذى يحفظه على ظهر قلب على من يكتبه، طبعا مع الفارق الواسع بين عمق وشمول رؤية فرانسواتريفو، وضآلة نظرة أصحاب «كتاب إيلى» التى وصفها بعض النقاد المرموقين بأنها «مجرد هراء»، تنكفئ على الماضى، وتستعين بأى «كتاب مقدس» كمبرر أخلاقى مزيف، للقضاء على من تعتبرهم.. كفارا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات