سمارة.. فك وتركيب - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 6:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سمارة.. فك وتركيب

نشر فى : الأربعاء 14 سبتمبر 2011 - 11:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 14 سبتمبر 2011 - 11:43 ص

كمال رمزىاستغرق مسلسل «سمارة»، إذاعيا، سبع ساعات ونصف الساعة، بمعدل خمس عشرة دقيقة على مدى ثلاثين يوما. وبينما لم يتجاوز فيلم «سمارة» الساعتين، كان على كاتب المسلسل، تليفزيونيا، مصطفى محرم، أن يملأ عشرين ساعة، الأمر الذى يعد اختبارا عسيرا، خاصة أن القماشة أصلا، قصيرة وقديمة، تكاد تكون مهلهلة.

 

ولكن مصطفى محرم، بخبرته كأسطى متمكن، استطاع تقديم عمل مسل، بلا ادعاءات، لا مجال فيه للبحث عن أفكار أو قضايا أو حقائق، ذلك أنه أقرب إلى قزقزة اللب وأكل الفشار ومضغ اللبان، لجأ إلى حيل فنية لا تخلو من طرافة، كى تبدو البضاعة التى عفا عليها الزمن، جديدة، سخية، جذابة، فقام أولا بفك شخصية «سلطان» العاتية ــ بأداء محمود إسماعيل ــ إلى شخصيتين: «سلطان»، يمثله حسن حسنى، و«فتوح»، يجسده سامى العدل.

 

كلاهما يتاجر فى المخدرات، ويتحدث بطريقة المعلمين النمطية فى الأفلام المصرية، حيث يخرج الكلام من الفم ممطوطا، متضمنا قدرا غير قليل من الاعجاب بالذات. كل منهما ينافس نصفه الآخر على حب «سمارة» التى يفوز بها صاحب الاسم المعتمد «سلطان».. وفى المقارنة بين «سلطان» الأصلى، فى الفيلم، محمود إسماعيل، والمفكوكين، حسنى والعدل، تجد أن كفة «سلطان» الفيلم هى الأرجح. محمود إسماعيل متوافق تماما مع دوره، يتسم أداؤه بالصدق والعفوية، بينما يظهر الافتعال والتصنع جليا عند الآخرين.

 

كذلك قام مصطفى محرم بفك ضابط الشرطة المتخفى «سيد أبوشفة» ــ محسن سرحان ــ الذى أحبته سمارة، إلى شخصين، أحدهما شاب ثرى ووسيم، اب عائلة كبيرة، يؤدى دوره أحمد وفيق، يركب «أوتومبيل» فاخر، مكشوف السقف، طراز الأربعينيات، ويتعمد المهزار، مصطفى محرم، الإيحاء بأن هذا الشاب هو الضابط المنتظر، لكن الشاب يقتل فى الحارة، ثم يظهر الضابط المتخفى ــ ياسر جلال ــ الذى يلقى مصير سلفه، فيموت قتيلا برصاصات سمارة أثناء حفل زواجه من إحدى قريباته. وعند المقارنة بين محسن سرحان، والشابين الخفيفين، تدرك أن «سيد أبوشفة» الأصلى، هو الأقوى والأعمق حضورا.

 

وجد مصطفى محرم فى الأحلام مرتعا خصبا لإطالة زمن الحلقات فجعل بطلته تراقص حبيبها الأول، وتبث لواعج غرامها لحبيبها الثانى، وتبلغ عن زوجها الذى لا تحبه، ويتراءى لها والدها السكير وهو يقتل والدتها سيئة السير والسلوك، ويتعمد المخرج، محمد النقلى، تنفيذ هذه المشاهد بأسلوب واقعى لا تكتشف معه أن ما يجرى على الشاشة مجرد أحلام إلا حين تستيقظ سمارة.. وهى تقوم من النوم بشعرها المفرود الناعم ومكياجها الكامل، كما لو أنها ذاهبة إلى حفل شديد الأهمية.

 

تدور أحداث المسلسل فى الأربعينيات، داخل حارة شعبية. الأربعينيات تعنى رجالا يضعون الطرابيش على رءوسهم، ونساء بملاءات سوداء، بعضهن يضعن البرقع على وجوههن، وطبعا بينهن غادة عبدالرازق، التى تجبرها والدتها ــ لوسى ــ على الرقص فى المقهى المستوحاة من بارات أفلام الغرب الأمريكى، والتى لم يكن لها شبيه فى مصر.. ومن المقهى إلى الشقق إلى المدافن إلى فيللات البكوات، تندلع المكائد والمؤامرات وقصص الترقب والخداع، فى دوائر مغلقة، لا تنفتح على دفء الحياة الحقيقية، وإن كانت تحقق الهدف منها، وهو التسلية.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات