عندما تتحول الثورة إلى تهمة - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما تتحول الثورة إلى تهمة

نشر فى : الأربعاء 15 فبراير 2012 - 8:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 15 فبراير 2012 - 8:50 ص

فى واحدة من مدارس القاهرة فوجئ عدد كبير من التلاميذ الذين شاركوا فى مسيرات تطالب بالقصاص للشهداء، وتهتف برحيل حكم العسكر، بأنهم معاقبون بالمنع من دخول فصول الدراسة.

 

كانت تهمة التلاميذ أنهم تشربوا روح الثورة وتفاعلوا مع دعوات الإضراب وخرجوا فى مسيرات عفوية تهتف بشعارات ثورية، ولذا قررت إدارة المدرسة أن تتعامل معهم بالطريقة ذاتها التى يعامل بها الثوار الكبار، فيتعرضون للقمع والبطش والتشويه.. ومن لطف الله أن صاحب المدرسة الخاصة حضر بالصدفة فرأى المشهد المخجل وألغى العقوبات المضحكة التى وقعتها الإدارة على صغار لم يغادروا مرحلة الطفولة بعد، معتذرا للتلاميذ، معتبرا أنهم فخر للمدرسة، بما قاموا به من سلوك متحضر، عبروا خلاله بشكل سلمى عن تفاعل حقيقى مع الأحداث التى تمر بها مصر.

 

والموقف على بساطته يكاد يكون صورة طبق الأصل مما تفعله إدارة الدولة المصرية الآن مع الثورة والثوار، حيث تعتبرهم خصومها، وتتصرف ضدهم بروح عدائية لا تليق بدولة كبيرة كانت أم صغيرة.

 

والغريب أن هذه الإدارة تقول عكس ما تفعل، وتتصرف ضد ما تقول، فهى دائما تتحدث عن الثورة العظيمة، لكنها تغتال معانى هذه الثورة بتصرفاتها، وتبدو فى معظم الأحيان منحازة وحامية للثورة المضادة.. وتبلغ العبثية ذروتها عندما تخلع على صانعى الثورة ومفجريها أوصافا واتهامات العمالة والخيانة للوطن، ومن ثم يمضى قطار التنكيت بأقصى سرعته، فتقرأ مثلا أن وزيرة التعاون الدولى ــ الأبدية ــ فايزة أبوالنجا تعتبر نفسها هى الثورة، بينما شباب الثورة هم الثورة المضادة، وتتحفك بتصريحات تقدم نفسها فيها على أنها المقاتل الأول من أجل حماية الثورة من محاولات أمريكا لإجهاضها.

 

وقبل ذلك بلغت الجرأة برئيس الوزراء المعين على غير رغبة وإرادة الثورة أن يتهم الثوار والمتظاهرين الذين سقط منهم عشرات الشهداء وآلاف المصابين على يد حكومته بأنهم هم الثورة المضادة.

 

وغير خاف على أحد أن السيدة أبوالنجا كانت ومازالت أحد الأعمدة الأساسية فى نظام حسنى مبارك الذى قامت الثورة لإسقاطه، كما أن الدكتور الجنزورى يمثل رمزا معبرا بصدق عن حكم حسنى مبارك، وليس معنى أن مبارك قرر الاستغناء عن خدماته بعد سنوات طويلة من الخدمة بين يديه، أنه معارض له أو متناقض مع قيمه وأفكاره، ناهيك عن أن الرجل لم ينبس ببنت شفة بعد إنهاء خدمته فى الحقبة المباركية، وبقى ضيفا على الصفوف الأولى لاجتماعات الحزب الوطنى المنحل حتى عام 2010.

 

والقصد أنهم جميعا يتعاملون مع «الثورة» باعتبارها «الثروة» التى هبطت عليهم من السماء، وكأنها كلأ مباح، كلما ظهر له صاحب أصيل بادروا بتصفيته واغتياله جسديا ومعنويا، وكلما انتقدهم أحد على الإدارة البليدة لها اتهموه بالعمالة والخيانة.

وائل قنديل كاتب صحفي