التنمية والخصائص السكانية.. نكون أو لا نكون - أحمد راشد - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التنمية والخصائص السكانية.. نكون أو لا نكون

نشر فى : الخميس 15 سبتمبر 2016 - 9:25 م | آخر تحديث : الجمعة 16 سبتمبر 2016 - 1:29 م
عندما انفجرت المنظومة الحاكمة فى مصر فى يناير 2011، كان الهم الاقتصادى وضغط الظروف المعيشية من أهم دوافع هذا الانفجار. وعندما تقوم الدولة الآن بفتح جبهات التنمية وتحديث البنية الأساسية لها، أجد نفسى مدفوعا لإثارة انتباه الدولة والمجتمع لأهمية وخطورة الخصائص السكانية وتأثيرها سلبا أو ايجابا على قضايا التنمية.

الطريق الأسهل الذى يغلب على الطابع الإعلامى عندما نتعرض للزيادة السكانية كأحد الأضلاع المهمة للقضية السكانية هو أن نعدد أوجه الضرر والنواحى السلبية للزيادة العددية للسكان، مما يجعلنا نعتبرها نقمة سكانية. مع أننا ندرك جميعا أنه لا تنميه بلا سكان، السكان هم الهدف، والسكان هم الوسيلة.

وأعتقد أن محور الخلاف هو نوعية السكان. النقمة السكانية هى أن تكون الأمية سمة غالبة من سمات أى شعب. النقمة هى أن تنعدم الثقافة ويعم الظلام الفكرى ونتذكر حسن العطار ورفاعة الطهطاوى وأحمد لطفى السيد والعقاد وطه حسين ونجيب محفوظ وقلوبنا يعتصرها الألم.

***

بديهيات وأساسيات الحياة كما تعلمناها ــ منذ نعومة أظافرنا ــ أن الإنسان لكى يستطيع أن يعيش بيولوجيا ــ قلب ينبض ــ يحتاج لثلاثية أساسية: الغذاء والغطاء والسكن... نسجل اهتمام الدولة لتأمين تلك الغايات فى مشروع مليون ونصف مليون فدان، وتطوير العشوائيات.
ولكن ما أن ينبض القلب ويجرى الدم فى العروق تظهر الثلاثية التالية: التعليم والصحة والأمن.

• غياب الأمن ذقناه وتجرعناه ونلاحظه عبر الشاشات ونحمد الله على ما نحن فيه حتى لو طالنا من الأمن بعض الشظايا أو الإصابات ــ نحمد الله.

• أما التعليم فهو محور الحياة ومحور التنمية وقلب المشكلات التى نعانيها ونتكبدها «فى تقرير التقييم الدولى لمستوى التعليم فى العالم، أول 18 دولة فى الترتيب لا تشمل دولة عربية واحدة! (أول خمس دول هم: سنغافورا، تايوان، كوريا الجنوبية، اليابان، وهونج كونج). ومن هنا ندرك لماذا هذه الحروب والانقسامات ولماذا هذه المستويات الدنيا للمعيشة.
العلاقة ثابتة وطردية ومتلازمة بين مستوى التعليم ومستويات الانتاج (زراعى أو صناعى) لا تنمية بلا تعليم. عندما يصل مستوى أمية الإناث فى أفغانستان إلى 80% للأمية الأبجدية يرتفع معدل الزيادة السكانية إلى 4%، وعندما تنخفض الأمية الأبجدية فى تايلاند إلى 5% تنخفض معدلات الزيادة السكانية إلى 1%.

• أما الصحة فهى منظومة حاكمة للنشاط البشرى ويضيق المجال هنا لتناولها ولكن لا يفوتنى أن أشير إلى الصعوبات المالية الضخمة التى تقابل نظام التأمين الصحى فى المملكة المتحدة وفرنسا عندما نتناول نظام التأمين الصحى فى مصر (وهو ضرورة حياة) حتى لا نجلد أنفسنا.

***

التعليم هو أول الطريق وقلب التنمية ومحور الحياة. والحقيقة أننى لا ألاحظ اتجاها ايجابيا مناسبا من الدولة لمواجهة ما وصلنا إليه فى مصر من مستوى متدنٍ وغير مقبول للتعليم ينبئ بمخاطر عظيمة أدعو الله سبحانه أن يجنبنا مخاطرها إلى أن نقوم نحن بمواجهة الكارثة بما يلزم من تطوير شامل وتجييش جميع المجهودات اللازمة.

يتبع التعليم كل من الثقافة والتنوير ودحض أفكار الظلام التى خرج الشعب بجميع طوائفه وأفراده ثائرا عليها فى 30 يونيو.

التعليم والثقافة والتنوير هى الثلاثية الحاكمة للخصائص السكانية التى يجب الارتقاء بها حتى يكون كل من أفراد الشعب نعمة حقيقة للتنمية ويغلق الباب عن كل من يريد وصف السكان وكأنهم نقمة (كما سبق أن ذكرت).

***

وأرى أيضا أن الدولة والمجتمع يجب أن يوجها اهتمامهما أيضا إلى مشكلتين أخريين بجانب الخصائص السكانية للوصول إلى تحقيق الهدف الأسمى (التنمية) ألا وهما:ــ

• التوزيع السكانى: الوصول إلى المستويات المتعارف عليها عالميا للكثافة السكانية مما يساهم بطريقة غير مباشرة فى الارتفاع بالخصائص السكانية بجانب زيادة فرص التنمية. وهنا لا يفوتنى أن أسجل أن الدولة بدأت فى التحرك الفعلى فى الخروج من الوادى الضيق ومواجهة مشكلة تكدس السكان فى 5% من مساحة مصر والانتشار على مدى المليون كيلومتر مربع هى مساحة مصر كلها على طول 2000 كيلومتر من شواطئ مصر.

• الزيادة السكانية: الصحة الإنجابية، معدلات المواليد والوفيات، الممارسات الصحية المناسبة فى الأسرة المصرية (العمل على سرعة خفض معدل النمو الكبير 2.6).

***

ثلاثة محاور ــ الخصائص السكانية (الأهم من وجهة نظرى) ثم التوزيع السكانى يتلوها الزيادة السكانية ــ للتحرك على الطريق لتحقيق التنمية، كل منها يحتاج لحديث يطول وكل منها يلزم تضافر «الفكر والعقول»، والتعاون الوثيق بين «الدولة والمجتمع» (المواطن، المنظمات الأهلية والقطاع الخاص).
أحمد راشد أستاذ أمراض النساء - جامعة عين شمس
التعليقات