مينا ومحمد - نبيل صموئيل - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مينا ومحمد

نشر فى : السبت 15 أكتوبر 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : السبت 15 أكتوبر 2011 - 9:00 ص

فى شهر فبراير الماضى حينما شاركت مع الآلاف فى ميدان التحرير كتبت مقالا نشر فى هذا المكان تعبيرا عن فرحتى وامتنانى للشباب الذى وقف صلبا بشجاعة نادرة، تضامن فيها مينا ومحمد معا يدافعان معا يغنيان للحرية والكرامة معا، تصيبهم نيران الغدر معا.

 

كتبت يومها «انتفضت مشاعرى كثيرا وأنا فى الميدان أعاين وأختبر هذه الملحمة الجميلة التاريخية لجموع المصريين وغالبيتهم شباب مصر، الذى يغير وجهها الآن بفكره وتلاحمه وضميره وبأرواحه. كم غالية دماء من ضحوا كم هى ثمينة حياتهم. لقد فرشوا لنا ولأجيال كثيرة من بعدنا الطريق ليس فى مصرنا الحبيبة فقط ولكن لشعوب أخرى كثيرة. انتفضت مشاعرى، وجرى الدم فى جسدى حارا، سال الدمع من عينى جارفا، ليس حزنا وأسى على أرواح كانت تزهق ونفوسا تذل وتنكسر فى النظام المستبد السابق، بل سال الدمع فرحا وطربا بكرامة ترفع وهوانا يزال فقد سقط المستكبرون وانحنى المتغطرسون والتحم المصريون الشرفاء فى ملحمة تاريخيه لم يعرف العالم مثلها سابقه».

 

●●●

 

واليوم يعتصرنى الألم فقد استشهد مينا فى ماسبيرو ومعه ثلاثه وعشرون آخرون كانوا فى مظاهرة سلمية تطالب بحقوق مدنية طالما تمت المطالبة بها منذ عشرات السنوات، مظاهرة امتلأت بشباب وشابات من المسلمين والمسيحيين أحبوا مصر وثاروا فى التحرير وماسبيرو من أجل العدالة والحريه والمساواة، وفجأه وبمجرد وصولهم تتحول المظاهرة السلمية إلى معركة يسقط فيها الشباب الأعزل بفعل الرصاص الحى الذى صوب نحوهم، وبحاملى السيوف الذى أتوا بتحريض لمواجهة الشباب الأعزل، كما دهس شباب آخرون تحت عجلات السيارات الحربية المدرعة عمدا.

 

استشهد مينا الذى طالما ملأ الدنيا من حوله طربا وغناء للحرية مع صديقه محمد، وربما قد يصمت مينا لكننا سوف نراه ونسمعه دائما فى محمد مغنيا لمصر.

 

وتأتى هذه المظاهرة السلمية كجزء من مسلسل طويل بدأ فى الكشح ومرورا بحلقات كثيرة من بينها كنيسة القديسين ونجع حمادى والماريناب وغيرها وغيرها، ويتكرر نفس السيناريو الذى أصبح مملا وسخيفا وغير مقبول، فالحقوق تهدر والنفوس تزهق والحرائق تشتعل فى الكنانس والكرامة تهان، والمطالب تتكرر مرات ومرات. وتقلب الأوضاع ويصبح المجنى عليه والشهيد جانيا والجانى والقاتل يصبح مظلوما مجنيا عليه.

 

●●●

 

إن أخطر ما تواجهه مصرنا العزيزة أن يغيب عنها العدل وسيادة القانون بعدالة على الجميع دون تمييز بين أبناء الوطن، والأخطر أن يصبح القائم على حماية حقوق المواطنين إما أنه غير قادر عاجز عن فعل ذلك أو أنه يصبح محرضا للقتل والدمار. ولقد تكرر عبر السنوات الماضية أن قام بعض المتطرفين بتنصيب أنفسهم مشرعين وقضاة وجهة تنفيذية فحلوا محل سلطات الدولة الغائبة فتفاقمت واشتدت الأزمة الطائفية التى لا نعرف إلى أين ستؤدى بنا؟.

 

إن الأمر جد خطير ويحتاج إلى سرعة فى اتخاذ حزمة من القوانين التى تحقق العدالة والمساواة وعدم التمييز كما تشمل الحزمة التطبيق الحاسم والناجز للقانون بعدالة، وإعادة بناء المنظومة الإعلامية لتصبح عادلة فى نقل الحقيقة وليست محرضة، بما فى ذلك مواجهة دعاة التكفير من كل الأديان، إلى جانب خطة طويلة الأمد لاعادة بناء الثقافة المصرية لتعود ثقافة تحترم الحقوق وتقبل التعددية والتنوع وحرية العقيدة وممارسه الشعائر الدينية واحترام القوانين. إننا الآن أحوج ما يكون إلى إداره ناجزة وعادلة وحاسمة لشئون الوطن والمجتمع، وبغير ذلك فنحن فى بحر مظلم نغرق فيه جميعا.

 

ولن يصمت مينا فمحمد وبطرس سيكملان الغناء للحرية والعدالة والحياة فى التحرير وماسبيرو وفى كل ميادين مصر الحرة. 

التعليقات