قانون الإدارة المحلية الجديد... إعادة الروح للمجالس المحلية - محمد القرمانى - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 12:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قانون الإدارة المحلية الجديد... إعادة الروح للمجالس المحلية

نشر فى : الجمعة 16 أبريل 2021 - 9:20 م | آخر تحديث : الجمعة 16 أبريل 2021 - 9:20 م

أتابع وأنتظر باهتمام وشغف كبيرين إصدار قانون الإدارة المحلية الجديد الذى يتم مناقشة مسودته حاليا داخل مجلس النواب. ومن المفترض أن يعقب إصدار القانون ولائحته التنفيذية الشروع فى إجراء انتخابات المجالس المحلية على مختلف المستويات (المحافظات والمراكز والمدن والقرى والأحياء) وهى المجالس المشكلة من ممثلين ينتخبهم مواطنو/ات الوحدات المحلية للقيام بعدة مهام من بينها إقرار الخطة العامة للوحدة المحلية ومخصصاتها المالية، متابعة تنفيذ مختلف المشروعات الداخلة فى نطاق الوحدة المحلية فضلا عن الرقابة على أداء الأجهزة التنفيذية داخل الوحدات المحلية. ووفقا لمسودة القانون التى تداولتها عدد من الصحف خلال الفترة الماضية فإن الأدوات الرقابية الممنوحة للمجالس الشعبية المحلية قد أضيف عليها آلية استجواب المسئولين التنفيذيين بالوحدة المحلية وسحب الثقة منهم وهو أمر إن تحقق بالفعل فسيكون طفرة كبيرة فى تفعيل دور المجالس المحلية فى مباشرة رقابة حقيقية على أداء الأجهزة التنفيذية.

الاهتمام بقانون الإدارة المحلية وترقب تشكيل المجالس المحلية وبداية ممارسة أعمالها ينبع من الدور المهم والمحورى الذى تلعبه تلك المجالس النيابية فى صناعة السياسات على المستوى المحلى شريطة إدراك أعضائها وعضواتها للمسئولية الكبيرة الواقعة على عاتقهم وحال تمتعها بالصلاحيات والاختصاصات اللازمة كونها هى الأقرب للمواطن المحلى والأكثر قدرة على فهم أفكاره واحتياجاته ومشاكله، فمن المعلوم أن المحافظين وقيادات العمل التنفيذى على المستوى المحلى ليسوا بالضرورة من أهالى الوحدة المحلية ذاتها وبالتالى مهما عظمت خبراتهم وإمكانياتهم يظلون بعيدين عن الفهم العميق لطباع واحتياجات وثقافة مواطنى الوحدة المحلية وخاصة فى المحافظات التى تملك طابعا ثقافيا متفردا، ومن ثم فإن وجود مجالس محلية نشطة وفعالة فى أداء دورها يساهم فى التعبير الحقيقى عن وجهات نظر وتطلعات ومصالح المواطنين/ات مما يعزز من قدرة الأجهزة التنفيذية على تلبية احتياجات المواطن/ة. وفى ذات الإطار وحيث أن أعضاء وعضوات المجالس المحلية أكثر قدرة على فهم قدرات ومقومات الوحدات المحلية المختلفة وطبيعة وثقافة مواطنيها ومواطناتها، فإن المجالس المحلية بالتنسيق مع الأجهزة التنفيذية تستطيع أن تكون مؤسسات مؤثرة وفاعلة فى صياغة البرامج والخطط والسياسات التى تتناسب مع طبيعة الوحدة المحلية وظروفها وذلك لتعظيم الاستفادة من موارد وإمكانيات الوحدات وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومى، فضلا عن العمل على تنمية موارد المحافظات والوحدات المحلية وتحديد أولويات الإنفاق والمشروعات الأجدر بالتنفيذ بشكل يتماشى مع الخطط والتوجهات العامة للدولة ويحقق مصلحة المواطن ويعزز من شعوره بالانتماء. 

كما أن الأدوات الرقابية التى تتمتع بها المجالس المحلية (مثل طلب الإحاطة وتوجيه الأسئلة والاستجوابات وتشكيل لجان تقصى الحقائق) تمكنها من ممارسة رقابة حقيقية على الأجهزة التنفيذية ومكافحة الفساد والمحافظة على المال العام وتقويم أداء الأجهزة التنفيذية مما يدعم دور الأجهزة الرقابية المختلفة على المستوى الوطنى مثل جهاز الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات. بالإضافة إلى ذلك فإن المجالس المحلية تستطيع التواصل المستمر مع المواطنين/ات والتعامل بنجاح والتدخل السريع لحل المشكلات الملحة للمواطنين/ات داخل الوحدات المحلية. فخلال السنوات الماضية رأينا العديد من القضايا ذات الطابع المحلى الصرف مثل بناء كوبرى أو رصف طريق أو هدم مبنى تم تصعيدها إلى القيادة السياسية بسبب عجز الأجهزة التنفيذية عن التعامل معها مما اضطر أحيانا لتدخل الرئيس شخصيا لحلها، وأتصور أنه مع وجود مجالس محلية نشيطة ممثلة للرأى العام المحلى ومعبرة بحق عن تطلعات المواطنين/ات وأفكارهم بإمكانها أن تكون حلقة الوصل بين المواطن/ة وأجهزة الدولة بشكل يتيح لها التعامل السريع والفعال والمرضى مع مختلف القضايا المحلية كى تتفرغ القيادة السياسية للتركيز على القضايا والأمور ذات الأبعاد الاستراتيجية والأكثر أهمية لمستقبل الوطن ككل.

أتطلع أن يتم الانتهاء سريعا من إصدار قانون الإدارة المحلية والإبقاء على الصلاحيات والاختصاصات الرقابية التى تضمنتها مسودة القانون وعلى الأخص فى ضوء مبادرة المشروع القومى لتطوير القرى المصرية تحت رعاية السيد الرئيس وهو المشروع العملاق الذى تتجاوز تكلفته ٥٠٠ مليار جنيه مصرى وأتوقع أن المجالس المحلية تستطيع أن تكون محركا وداعما فى تنفيذ هذا المشروع الوطنى الضخم. كما أتمنى أن تتعامل الأحزاب السياسية بجدية واهتمام مع ملف انتخابات المجالس المحلية وأن تبدأ الاستعداد المبكر لهذا الاستحقاق الانتخابى الهام عن طريق صياغة خطة واستراتيجية واضحة يكون هدفها الرئيسى إحداث طفرة فى عمل المجالس المحلية والارتقاء بمستوى أداء أعضائها وعضواتها وتعزيز دورها فى عملية الرقابة على أداء الأجهزة التنفيذية وتنمية المجتمعات المحلية والقضاء على الفساد مع تدقيق اختيار المرشحين/ات والدفع بالكوادر المتميزة ممن يملكون الخبرة والرؤية والقدرة على التواصل مع المواطنين/ات والأجهزة التنفيذية والرغبة الحقيقية والدوافع الوطنية الصادقة لخدمة المجتمع وبناء الوطن.

 

محمد القرمانى مدرس مساعد السياسات العامة بجامعة أوريجون
التعليقات