الست غالية - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 12:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الست غالية

نشر فى : الأربعاء 17 أغسطس 2011 - 10:41 ص | آخر تحديث : الأربعاء 17 أغسطس 2011 - 10:41 ص

 أسعدتنى الست غالية، وأبهجتنى وجعلتنى أحس بقدر غير قليل من الألفة والراحة، هى واحدة من المصريات، متواضعة، بسيطة، صاحبة خبرة بالحياة، تطالعنا يوميا على إحدى القنوات، كى تطهو وجبة من طعام جميل، من الواضح أنه حلو المذاق، متنوع الألوان والأنواع، والأهم.. أنه محدود التكاليف، وهى فى هذا تذكرنا بالأمهات، ربات البيوت المصرية، الأقرب إلى وزراء الاقتصاد، ووزراء تموين أيضا، يدركن أن عليهن تدبير الأمور، تلبية الاحتياجات فى حدود الممكن والمتاح.

برامج الطهو، فى القنوات التليفزيونية كثيرة، يطالعنا فيها، غالبا «شيف»، ومعه مساعده. كل منهما يرتدى جاكتة بيضاء ويضع على رأسه الطربوش الورقى، وفى المطبخ المتسع، الأنيق، يبدأ الشيف فى استعراض المواد التى سيتم طهوها: هذا هو السمك، يستحسن أن يكون بالمايونيز، ولكى يكون طبق السلاطة جذابا، يستحسن أن يتم ترصيعه بحبات الجمبرى.. وبينما يبدأ المساعد فى العمل، يقوم الشيف بالرد على مكالمات، تطلب منه كيفية طهى اللحم البارد، أو الديك الرومى، أو الاستاكوزا، وبعد الترحيب بالمتحدث الذى يكيل المديح للشيف، وبدوره، يقطع الشيف على نفسه وعدا بأنه سيلبى المطلوب فى حلقات قادمة.

الست غالية، خالفت المقرر، جملة وتفصيلا، فالمطبخ الذى تقف فيه صغير، ضيق، ولكن نظيف، مرتب، يخلو من الأجهزة الكهربائية الحديثة، فيما عدا خلاط عادى، والبوتاجاز من النوع الشعبى، لا يشتعل بضغطة زر، ولكن يشتعل غازه بالكبريت.. والسيدة نفسها، متحررة من الإحساس بالنجومية، تضع المريلة فوق ملابسها التى تليق بسيدات الطبقة الوسطى. لا يوجد طلاءات للوجه أو فورمات للشعر، فثمة إيشارب لطيف مسدل على الجانبين من الوجه. وهى سمراء، شكل أخواتنا وبناتنا، ذات ثقافة شعبية وخبرة بالحياة، تحفظ وتردد عددا كبيرا من الأمثال، موجزة، عميقة المعانى. تتكلم من دون افتعال، ترحب بمحادثيها بحرارة بنات البلد، ودودة.

الأهم، نوعية المأكولات التى تقدمها، لا لحوم ولا دواجن ولا سمك إلا مرة واحدة أسبوعيا، وبكميات محدودة، وبتكاليف تحت السيطرة. فاللحوم، نصف كيلو مفروم، يوضع مع معكرونة. وإن وجدت دجاجة، فمن الممكن تقسيمها إلى ثمانية أجزاء. أما السمك فإن البلطى لا بأس به..

وتعويضا عن هذه البروتينات تروج لخضراوات متوافرة، تتفنن فى طهوها، فالباذنجان، له عشرات الطرق، والفول، شأنه شأن البطاطس، يتحول إلى العديد من الأشكال الجذابة.. وطبعا، لا مشروبات غازية، ولكن ثمة «العرقسوس»، والمشروبات الشرقية المفيدة، المتوفرة، بأثمان قليلة. وبمناسبة الشهر الكريم، تطهو نصف كيلو كنافة أو جلاج، لا يتجاوز تكاليفها أربعة جنيهات.. ولا يفوت الست غالية، الرشيدة، المدبرة، أن تحدد سعر كل شىء، الطماطم، الخيار، الكوسة، البامية، على ألا تتجاوز تكاليف وجبة الأسرة، خمسة عشر أو عشرين جنيها على الأكثر.. إنه برنامج مصرى، جملة وتفصيلا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات