عادة فرعونية - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عادة فرعونية

نشر فى : السبت 18 يونيو 2011 - 8:48 ص | آخر تحديث : السبت 18 يونيو 2011 - 8:48 ص

 فى أسوان، بالقرب من بوابات السد العالى، فخر المصريين، ثمة نصب أنيق، مغطى بنوع من الفسيفساء الجميل، لكن لا يشوهه إلا تلك اللوحة الدائرية الصغيرة، عند مستوى النظر.

اللوحة أصلا، كانت عبارة عن صورة جانبية لجمال عبدالناصر، طبعا للوجه فقط.. فيما بعد، تم كشط الصورة ليوضع مكانها صورة وجه أنور السادات. وفيما يبدو أن هذا الإحلال والتبديل أسند إلى مختص غشيم، لأن مسح الصورة الأصلية لم يكن كاملا ودقيقا، وبالتالى بقى ما يشبه ظلال وجه عبدالناصر فى خلفية صورة السادات. لاحقا، جاء دور كشط وجه السادات ليحل وجه حسنى مبارك مكانه. والواضح أن عملية التغيير، هذه المرة، أسندت لذات المختص المهمل، لكانت النتيجة اختلاط ملامح الوجوه الثلاثة، مما أدى إلى صورة غريبة، تشبه وجه محمود المليجى.

فيما يبدو أن محو أسماء ووجوه السابقين، عادة فرعونية ورثناها جيلا بعد جيل، وأنا مع استبدال أسماء أسرة حسنى مبارك، المكتوبة على لافتات عشرات المؤسسات، بأسماء الشهداء، الذين قتلوا على يد زبانية العصابة التى حكمت مصر.. وإذا عدنا لآثار الأقصر، سنرى كيف وضع الملك الجديد اسمه على معمار الملك السابق، وربما يقوم أحدهم بهدم أو تحطيم ما بناه سلفه، وإذا عز شطب الاسم أو هدم الأثر، فإن من المحتمل اللجوء إلى تصرف عجيب، على طريقة حتشبسوت حين أحاطت المسلة التى أقامها أخوها بكتل من حجارة.

فى عصرنا الحالى، امتدت عادة شطب ما سبق إلى المشروعات والمؤسسات، ووصلت فى إحدى ذرواتها إلى حد التشكيك فى أهمية وجدوى السد العالى، ومن ناحية ثانية، شهدت الستينيات إسناد وزارة الثقافة والإعلام، بمسميات مختلفة، لكل من ثروت عكاشة وعبدالقادر حاتم، ثم ثروت عكاشة وعبدالقادر حاتم مرة أخرى، وعمل كل منهما على مسح ما قام به سلفه بأستيكة، تحت شعارى سياسة الكيف والكم، فإذا اهتم عكاشة بالفنون الرفيعة، وعددها قليل بالضرورة، فإن عبدالقادر حاتم ينشئ أكثر من عشر فرق مسرحية، يلغيها ثروت عكاشة عندما تؤول له الوزارة، وهكذا.. فى دورات متعاقبة.

الآن، نشهد تنويعة جديدة على ذات العادة الفرعونية، فبينما تملك الحكومة المصرية «21»، واحد وعشرين قناة تليفزيونية، عامة ومتخصصة، يعمل بها جيش ضخم من فنيين وإداريين يقودهم مديرون يأتمرون وينفذون أوامر وتوجيهات السلطة، ممثلة فى وزير الإعلام قبل ثورة 25 يناير، وهو أنس الفقى، ثم سامى الشريف، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، بعد الثورة، عقب فقدان الثقة فى قنوات حاولت بقدر طاقتها، الدفاع عن نظام فاسد منهار. وفورا، على طريقة «مات الملك.. عاش الملك»، غيرت القنوات بوصلتها. وأصبحت شديدة الإخلاص للحكومة الجديدة، حتى وإن جاءت مؤقتة.. ومع هذا باغتتنا الأخبار أن ثمة قناة جديدة ستطلق خلال أسابيع، ذات اسم سخيف، هو «المصدر». يقال إنها ستتولى إذاعة أخبار الحكومة والمجلس العسكرى.. إذن، فماذا عن طابور القنوات الرسمية؟

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات