الديكتاتور - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 2:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الديكتاتور

نشر فى : الأربعاء 18 يوليه 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 18 يوليه 2012 - 9:05 ص

أخيرا، عرض الفيلم الذى اكتسب دعاية واسعة أثناء تنفيذه، بفضل الأحداث الساخنة التى اندلعت فى ليبيا من ناحية، والإعلان المدجج بصورة تشبه القذافى من ناحية أخرى، ولكن بلحية شديدة السواد. احتل الفيلم ثمانى من صالات السينما فى بيروت، وتغير الأفيش ليصبح ذات الممثل، ساشا بارون كوهين، بذات الهيئة، يركب جملا، يسير به فى أحد شوارع نيويورك. وبينما تجاهلته الصحافة الفنية فى لبنان، لم يتواجد فى دار العرض عدد من الأشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع الكف الواحدة. قال لى قاطع التذاكر إن الجمهور لم يحب الفيلم، منذ أول حفلة له، وسيرفع فى آخر هذا الأسبوع.. بعد المشاهدة أدركت أن الجمهور على حق، فالعمل، كوميديا سمجة، غليظة، شديدة الافتعال، تتجاوز هجاء الديكتاتور، لتسخر من الشعوب العربية، فالبطل هنا، هو رئيس دولة اسمها «وادية» على وزن «بادية»، والسكان يرتدون أحيانا الزى المغربى، والعصرى أحيانا، وتعمد واضع الموسيقى أران بارون كوهين، أن يستعير بعض الجمل الموسيقية العربية، وأن يبدأ الفيلم بأغنية «ياليل يا عين».

 

المخرج، لارى تشارلز، استوحى ملامح بطله من عدة رؤساء: أخذ من معمر القذافى تقلب الانفعالات وانفلاتها، وطريقة حديثه، ذات الطابع المتسارع، بالإضافة لاعتماده على النساء فى حمايته، وأخذ من أحمدى نجاد تهوره وإصراره على مواصلة الأبحاث النووية وصناعة الصواريخ. وثمة محاكاة لغباء وغطرسة عمر البشير، مع الإشارة لحاكم اسمه «الحافظ» ــ نسبة لحافظ الأسد، وثمة إسقاط لتمثال الديكتاتور، على طريقة إسقاط تمثال صدام حسين، وفى الكثير من المشاهد يرتدى بزة عسكرية مرصعة بنياشين عن حروب لم يخضها، ولا يتوقف عن إصدار أوامره بشنق هذا، وذبح ذاك.. كل هذا وارد فى الكوميديا، لكن أن يتعمد الفيلم إظهار الشعوب كمجرد رعاع وغوغاء فإنه الأمر الذى يدخل فى باب التجنى على هذه الجماهير التى ثارت وتثور ضد الطغاة، والأدهى أن «الديكتاتور» يذهب إلى أمريكا لحضور اجتماع هيئة الأمم، وهناك يلتقى شابة متحضرة، تؤدى دورها ممثلة اسمها «أنا فارس»، تحبه، وتحاول أن تخفف من رعونته، وأن ترتقى به إنسانيا.. إنها دائرة النور الوحيدة فى الفيلم الذى ينغمس فى كل ما هو شديد الغلظة. فمثلا، يحاول الديكتاتور، بغباء، الوصول إلى بناية مقابلة، عن طريق حبل مشدود فى الفضاء، عبر الشارع. وعند المنتصف، لا يستطيع استكمال ما بدأه. يقترح عليه مرافقه أن يتخلص مما معه كي يصبح وزنه خفيفا. يخرج ما فى جيوبه، ويلقيها، ولما لا يستطيع، يطلب منه صديقه أن يتبرز، وفعلا يفعل، ويصاب أحد المارة إصابة بالغة بسبب تعرضه لسقوط غائط فى شكل الصاروخ، حسب وصف المرافق.. ولن استرسل فى سرد تلك النماذج من الكوميديا الخشنة، الأقرب للابتذال.

 

الممثل الذى أدى «الديكتاتور» ــ ساشا بارون كوهين ــ شقيق واضع الموسيقى المصاحبة، هو امتداد ممجوج لأسلوب جيرى لويس وجين كارى، القائم على الحركة الخارجية، دون صدق داخلى.. وفى الفيلم، يعود إلى بلده، بصحبة الفتاة الديمقراطية المتحضرة. عقب زفافها، تهشم تحت قدميها لوحا صغيرا من الزجاج. تقول له إن هذا من تقاليد أهلها، وتردف «أنا يهودية».. كلمتان لم تثبتهما شركة الترجمة على الشاشة.. وهذا تدليس لا يقل عن تدليس الفيلم ذاته.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات