مظلوم - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مظلوم

نشر فى : الثلاثاء 19 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 مارس 2013 - 8:00 ص

فى لحظة بلغ فيها الاستقطاب أشده، وصار المولوتوف هو اللغة المستخدمة بين فرقاء المشهد السياسى فى مصر، تكون محاولة إحياء مشروع سياسى ومجتمعى انصهرت فيه كافة مكونات المجتمع السياسى فى معادلة واحدة شيئا باعثا على التفاؤل فى أيام قاتمة يلفها دخان أسود.

 

وأن تجد على منصة واحدة (الإسلامى) محمد عبدالقدوس و(اليسارى التجمعى) محمود حامد وبينهما المهندس يحيى حسين عبدالهادى ومن حزب الحرية والعدالة مروة أبوزيد، وأمامهم فى مقدمة الحضور أحمد عبدالحفيظ (الناصرى) وناهد رشاد (غد الثورة) ومحامين مستقلين وممثلين لفلاحين وباعة جائلين، فهذا ما يمكن أن يشعرك بأن هناك أملا فى أن يتوقف المصريون عن لعبة الانتحار.

 

كانت المناسبة إطلاق العدد الأول من جريدة «مظلوم» لسان حال «اللجنة القومية للدفاع عن المظلومين» وهى الامتداد الطبيعى للجنة الوطنية للدفاع عن سجناء الرأى والتى لعبت دورا رائعا فى سنوات بطش نظام الرئيس المخلوع، وضمت تحت مظلتها رموزا من أقصى اليمين وأقصى اليسار، وانصهر فيها الشيوعى مع الإخوانى مع الليبرالى مع السلفى مع الناصرى، فى مشهد كان أحد تجلياته تلك الروح المدهشة التى سادت ميادين ثورة ٢٥ يناير الخالدة.

 

وكما قال رئيس اللجنة محمد عبدالقدوس فقد انطلقت بمسماها الجديد «القومية للدفاع عن المظلومين» بعد ثورة يناير ٢٠١١ كبديل للجنة الدفاع عن سجناء الرأى بناء على اقتراح من الرمز اليسارى الكبير الأستاذ عبدالغفار شكر على أن تحتفظ بكيميائها دون عبث أو تغيير فى مكوناتها، بحيث تتبنى قضية العدالة الاجتماعية فى نشاطها.. وبدلا من جريدة «حرية» الناطقة باسم لجنة سجناء الرأى صدرت جريدة «مظلوم» المعبرة عن المظلومين فى مصر دون تغيير فى رئاسة التحرير الأستاذ محمود حامد الذى تحدث عن التنوع المدهش فى طاقم تحرير الجريدة بإشارته إلى أنه حدث أن تأخر محرران زميلان فى إنجاز المطلوب منهما، فكان أحدهما مشغولا فى المشاركة بمظاهرات الاتحادية، والآخر فى مظاهرات نهضة مصر عند جامعة القاهرة، لكنهما داخل اللجنة صديقان وشريكان فى الهم الوطنى.

 

والأمر ذاته تلمسه فى تنوع محررى وكتّاب الجريدة، إذ تتجاور مقالات صلاح عدلى (الحزب الشيوعى المصرى) وخالد الشريف (حزب البناء والتنمية) وعصام شيحة (الوفد) وعادل الأنصارى (الحرية والعدالة) ومحمد فرج (التجمع) فيما تحتل معاناة أهالى القرصاية وعذابات الفلاحين والصيادين والباعة الجائلين مانشيتات الصفحة الأولى، ما يمنحها ثراء مطلوبا رغم تباين وجهات النظر وتقاطعها فى قضايا كثيرة، وأحسب أن هذا ما تحتاجه مصر بشكل عاجل، بعد أن ارتفعت ألسنة الحرائق السياسية فى كل مكان تغذيها كميات هائلة من مازوت التخوين والتكفير والإقصاء، حتى تولدت شكوك لها ما يسندها فى قدرة المصريين على العيش الواحد فى وطن هو بحق «المظلوم» الأول فى هذه العبثية والعدمية التى تلتحف بها النخب السياسية الآن٠

 

إن الذى يشاهد ما يجرى هذه الأيام من معارك واشتباكات وقصف عنيف اخترق حاجز الصراع السياسى المتحضر، وبدت مصر وكأنها فى حالة من «حرب الكل ضد الكل» لن يصدق بسهولة أن كيانا سياسيا ومجتمعيا واحدا كان يضم تحت مظلته كمال خليل وعصام العريان ومحمد عبدالقدوس وعبدالغفار شكر.. كم أنت مظلوم أيها الوطن!

وائل قنديل كاتب صحفي