تدريب على الإحسان - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تدريب على الإحسان

نشر فى : الجمعة 19 يونيو 2015 - 11:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 19 يونيو 2015 - 11:05 ص

الشريعة الإسلامية لم تسعَ إلى صياغة شخصية «رمضانية» تبلغ ذروة عبادتها فى هذا الشهر وحده، ثم تعود إلى سابق عهدها إذا ما انقضت أيامه، بل سعت إلى أن تكون هذه الأيام المعدودات بمثابة دورة تدريبية مكثفة تخرج إلى الدنيا أشخاصا يحرصون على التحلى بالتقوى فى كل صغيرة وكبيرة من تفاصيل حياتهم.. سواء أكانوا فى سوق أم فى مسجد أم فى عمل أم فى راحة أم فى غضب أم فى رضا.

وشهر رمضان الذى نزل بساحتنا ضيفا كريما، ليس فقط فرصة لاكتساب حالة من الصفاء الروحى؛ وإنما هو مدرسة قائمة بذاتها تحفل بألوان من الدروس والعبر.. تدريب النفس البشرية على (الإحسان) هو أبرز هذه الدروس وأعظمها تأثيرا فى انصلاح أحوال هذه الأمة وتأهيل سنوى لأبنائها ليعودوا بها إلى سابق ريادة وعلو.

فالمدهش عند التأمل هو اكتشاف أنه يمكن أن تمتد مساحة التعلم لتؤثر على سلوكك بعد رمضان ليصبح (الإحسان) عادة ووصفا ملازما لك أينما حللت.. علماء النفس يؤكدون قدرة الإنسان على التخلص من عادة سيئة أو اكتساب أخرى جيدة إذا ما تكلف المواظبة على فعلها أو الإمساك عنها لمدة واحد وعشرين يوما متتالية.. فما بالك بثلاثين؟

والمقصود من الإحسان: اتقان العمل ــ مهما كان هذا العمل صغيرا أو كبيرا ــ بأدائه على أتم وجه.. والإحسان كذلك معاملة الناس بكف الأذى عنهم وبذل الخير لهم.

معادلة الإحسان التى التزم بها يوسف الصديق فصار الإحسان وصفا ملازما له على مدى حياته، يشهد له بذلك صاحبا السجن «نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين» وقت الكرب والضيق، وأكد على نفس الوصف إخوتُه رغم عدم معرفتهم به وتبدل حاله إلى الرفاهية وأبهة المُلك: «فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين» ومن قبل كل هؤلاء كانت تزكيةُ الله تبارك وتعالى له وقت أن كان عبدا فى قصر العزيز «ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين».. لذا فلم يكن عجبا أن يمكنه فى الأرض لينشر رسالة الإحسان: «وكذلك مَكّنا ليوسف فى الأرض يتبوأُ منها حيث يشاء نصيبُ برحمتنا من نشاءُ ولا نضيع أجر المحسنين».