إصلاح خطاب الدعوة - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إصلاح خطاب الدعوة

نشر فى : الإثنين 19 ديسمبر 2016 - 11:00 م | آخر تحديث : الإثنين 19 ديسمبر 2016 - 11:00 م
(1)

نعم تحتاج الأمة الإسلامية كلها إلى إصلاح الخطاب الدينى ليتطابق فى فهمه للنصوص مع فهم الرعيل الأول الذى أدرك أسباب نزول الآيات القرآنية وتفطن إلى دلالات الألفاظ النبوية واستوعب متطلبات الإنسان على اختلاف الأزمنة وتباين الأماكن وجعل مقاصد الشريعة بوصلة يهتدى بها.. تحتاج أمتنا إلى خطاب دعوى إسلامى غير تقليدى يبعث الجسد الغافى من رقاده وينفث فى روعه العزيمة والإصرار ويدفعه إلى تبوأ مكانه اللائق فى طليعة الأمم.... تحتاج أن تنفض عنها خطاب المتقول على الله بغير علم، والمحتكر للفهم بغير حق، والمكفر للمخالف بغير سند، والمتهاون فى الحرمات بغير ورع.

(2)

لكن الدولة التى تريد خطابا دينيا يصلح المجتمع ويقضى على التعصب ويطرد الجهل، مطالبة أن تنفق بسخاء على المؤسسات الدعوية وفى مقدمتها الأزهر لتصبح قادرة على تخريج أجيال من الدعاة وطلبة العلم والعلماء يفهمون رسالة الإسلام فهما حقيقيا ولا ينقصهم فى الوقت ذاته التسلح بأدوات عصرية من علوم الإدارة وفهم سيكولوجية الجماهير وإتقان التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى مع دورات تدريبية مستمرة أهمها الارتقاء بالمستوى العلمى والثقافى للدعاة، فينذرون حياتهم لتوصيل هذا الفهم لمجتمعاتهم دون قلق على أمور معاش أو انشغال بوظيفة أخرى.

(3)

ولا يختلف المراقبون على حاجة المناهج الأزهرية إلى تحديث وتطوير، إلى استبدال الأمثال القديمة التى واكبت عصر مستخدميها بتلك التى تناسب واقعنا ويفهمها صغيرنا وكبيرنا، إلى تنقية معتمد المذاهب من الأقوال الضعيفة والآراء الشاذة، إلى التركيز على تنمية (الملكة الفقهية) عند الطالب والمتلقى... والأمر لا يحتاج إلى تكلف البحث عن معين التطوير هذا، فالمنهج العلمى السليم فى استنباط الأحكام وقواعد الاستدلال قد حوى بالفعل مادة التحديث والتجديد منذ مئات السنين... لكن من يقرأ.. من يفهم.. من يثابر على التطبيق؟

(4)

وكلما برزت قضية التجديد الدينى أو تعديل الخطاب الدعوى برز اسم السلفيين تحديدا.... وهؤلاء يحتاجون أيضا على اختلاف مشاربهم إلى تعديل كبير فى ترتيب أولوياتهم الدعوية وإلى تغيير جذرى فى أسلوب مخاطبتهم للمجتمع، وقبل ذلك كله إلى تفهم حال مجتمعاتهم ابتداء والتماس الأعذار للكبير قبل الصغير وعلاج جذور المشكلات بدلا من الوقوف بسطحية عند أعراضها.... والنظر إلى المخالف بعين الطبيب المعالج أو الداعية المشفق لا بعين جلاد غليظ القلب... ولن يتحصل للسلفيين ذلك إلا بفهم متكامل للشريعة مقاصدها وأخلاقها ومعاملاتها.

(5)

المشكلة ليست فى مبدأ قبول النقد وإنما فى ماهيته وليست فى تقديس الأئمة والفقهاء وإنما فى توقيرهم وليست فى إزالة ما شاب التراث من خرافات وإنما فى تحديدها.. القضية ليست رفض التجديد وإنما هى صلاحية من يجدد.