الموازنة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 1:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الموازنة

نشر فى : السبت 20 أكتوبر 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : السبت 20 أكتوبر 2012 - 8:20 ص

عنوانه الأصلى، بالإنجليزية «آر بيتراج». ربما ينتمى المعنى إلى الاقتصاد، ولكن بالتأكيد، له علاقة ببطل الفيلم روبرت ميللر، رجل الأعمال والمال، الشهير، الناجح، المخاتل، الذى يتعرض لمتاعب شديدة، على المستويين، الخاص والعام. ويصبح عليه الحفاظ على توازنه، وهو يسير على حبل رفيع، كى لا يسقط من حالق. وشيئا فشيئا، خلال أحداث ومواقف وعلاقات، منسوجة بمهارة، نكتشف ما تنطوى عليه روح هذا الرجل الأنيق، المحبوب، من خسة ونذالة، شأن عتاولة المال فى غابة وول ستريت.

 

ريتشارد جير، نجم افتتاح مهرجان أبوظبى، الذى قام بدور ميللر، أصلا، من عشاق الموسيقى، سمعا وأداء. تعلم العزف على معظم الآلات، وتمنى تكوين فرقة موسيقية، وفيما يبدو، أن نجاحه فى مجال التمثيل، أبعده عن تحقيق أحلامه. لكن الأنغام ظلت باقية فى روحه، تتبدى بوضوح فى حركته، لفتاته، خطواته، ابتساماته. وهذا ما جعل فى حضوره استغناء عن طابور النجوم الأجانب، الذين جرت العادة على استضافتهم، بأجور باهظة، كى يتبخطروا على السجادة الحمراء.

 

أما فى الأداء التمثيلى، فإن جير، يستخدم ملامح وجهه، كآلة موسيقية حساسة، ينتقل بها من انفعال لآخر، بنعومة وسلاسة، على نحو عميق التأثير.. فى المشاهد الأولى، يطالعنا ميللر، بعد عودته الميمونة، المظفرة، من الخارج. يفاجأ بأسرته تقيم له حفل بلوغه الستين من عمره. يلقى كلمة رقيقة عن إنجازات حياته مؤكدا، برقة، أن أهمها تكوين هذه الأسرة المتحابة، التى تعيش فى وئام.

 

سريعا، نكتشف أن الرجل الملتزم، له حياته الخاصة، السرية إن شئت الدقة: يعشق فتاة قادمة من فرنسا. لا تظهر إلا فى أربعة أو خمسة مشاهد، ومع هذا، وبفضل المخرج، كاتب السيناريو، نيكولاس جاريكى، تبدو شديدة الوضوح.. إنها فالتة العيار، صاحبة موهبة ضئيلة فى الرسم، تتعاطى الهيرويين سرا، وجدت فى ميللر سندا قويا لها، تعاتبه على طريقة استخدامه لها كمطفئة لرغباته. تنطلق معه فى رحلة بسيارتها. تصطدم بجدار فتلقى مصرعها بينما ينجو بأعجوبة. يصبح همه الأول، كيف يبعد نفسه عن الحادث.. هنا يظهر الجزء الخفى من معدنه الخسيس، بالإضافة لقدرته على المراوغة والخداع. يتصل بشاب أسود كى يحمله بعيدا عن المكان.

 

فى إدارته لإمبراطوريته، يطبق ذات الأسلوب الغادر، فالمشروع الذى جمع له مالا كثيرا، على طريقة شركات توظيف الأموال، فشل تماما، ويتسبب فى خسارة ملايين الدولارات.. بلا تردد.. يقوم بتزوير موازنة الشركة، كى تبدو الأرقام كأنها تحقق المكاسب الضخمة، ويعرض مؤسسته للبيع.. وبعد عديد من المناورات، ينجح فى مسعاه، مؤكدا فى هذا طبيعة فرسان وول ستريت وألاعيبهم التى أدت وتؤدى إلى تلك الأزمات المالية، التى يدفع ثمنها قطاعات واسعة من الناس.

 

ميللر، متعدد الجوانب، بأداء ريتشارد جير، وهو يوقع عقد البيع، لا يفوته تأمين مستقبل زوجته، والفتى الأسود الذى أنقذه، وابنه الخائب، وابنته الذكية، التى لم تتلوث بعد، والتى عرفت حقيقة والدها، والتى تتحدث عنه، فى النهاية، حديثا شاعريا، بينما هو يعطينا ظهره، كما لو أنه يؤكد لنا، أننا لم نسبر غوره تماما.. فهو، أحد عتاة عالم المال الشره، والأعمال التى فى مستوى الشبهات.

 

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات