تغير للخريطة.. أم صراع نفوذ؟ - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تغير للخريطة.. أم صراع نفوذ؟

نشر فى : الإثنين 21 مارس 2016 - 10:30 م | آخر تحديث : الإثنين 21 مارس 2016 - 10:30 م
منظوران أساسيان يصلحان لتفسير تتابع أحداث الشأن المصرى على الأقل خلال الربع الأول من هذا العام. إما اعتبار أن كل ما جرى وسيجرى مجرد قطع متناثرة تتجمع رويدا رويدا لتشكل صورة واحدة لخريطة جديدة تكشف عن توجهات الدولة المصرية_ بكل ما تحمله كلمة الدولة من معانٍ _ حيال الشأن المحلى والعالمى. أو اعتبار هذه الحوادث دليل على صراع مكتوم حول النفوذ لم يعمد أصحابه بالضرورة إلى إعلانه وإنما طبيعة آثاره هى التى حتمت العلانية.

الأمر لا يتعلق بتغليب نظرية على أخرى، قدر ما يتعلق بالمنظور الذى «تحب» أن ترى منه الأشياء. لو اعتمدت الأول فالمحصلة النهائية تعنى توجها مطابقا فى بعض أجزائه لأسوأ ملامح قمع واستبداد نظام الستينيات؛ وفى الأجزاء الأخرى مماثلا لفوضى اقتصاد «الانفتاح» بغير ضوابط، وفى الأجزاء المتبقية مكررا لعناد وإنكار وغرور عقد مبارك الأخير.


ولو اعتمدت المنظور الثانى؛ فالنتيجة لن تختلف كثيرا بل قد تصل بنا إلى الأسوأ إن لم يستطع طرف قوى أن يحسم المعركة _ التى ينبغى أن تكون صفرية_ لصالحه، وقتها لن يتبقى إلا المنظور الأول لنفهم توجهه فى المرحلة التالية لبطشه بكل خصومه. أما لو ظل صراع النفوذ بين الأجهزة قائما فإن ما نراه اليوم من آثار سيغدو «ترويحا عن النفس» بجوار ما سنقدم عليه مستقبلا.


وعلى سبيل المثال يمكن تسليط الضوء على بعض مشاهد البرلمان منذ انتخابه وحتى اللحظة الحالية وإضافة قضية إقالة الزند وما تزامن معها من استضافة جهاز المخابرات لوفد رسمى من حماس، بعد أيام معدودات من إعلان وزارة الداخلية حركة حماس متورطا رئيسيا فى اغتيال النائب العام السابق، وبعدها أخبار الإفراج عن عدد ليس بالقليل من قيادات محسوبة على تنظيم الإخوان. هناك أحداث أخرى بالطبع لكن المقام سيضيق بذكر كل هذا. السؤال يظل قائما بأى المنظورين نتناول مثل هذه الأحداث؟


هل كان الذى دعم «عكاشة» حتى أوصله إلى البرلمان غافلا عن نفسية الرجل وطبيعة شخصيته إلى الحد الذى يُعجل بنهايته البرلمانية بهذه السرعة، أم أن الداعم مختلف عن المقيل؟ طبعا تدخل بعض أجهزة الدولة لإنجاح هذا وإفشال الآخر لم يعد محتاجا إلى الدليل المادى بعد تواتر الأخبار المؤيدة بصورة تحقق المعنى الاصطلاحى لـ «التواتر» بعيدا عن المبالغات اللفظية.


خروج منصب وكالة المجلس من بين أصابع تحالف «دعم مصر» وما استتبعه من تنازع داخلى حقيقى، ثم الفشل الكبير للتحالف فى تمرير قانون الخدمة المدنية كأول اختبار لظهير سياسى داعم للنظام بلا حدود. هذا على صعيد البرلمان.


أما إقالة «الزند» فيتشابك فيها المنظوران؛ فمن ناحية هناك من يرجح أن اختياره منذ البداية كان فخا منصوبا لرجل مثل مركز نفوذ مزعج، وهناك من يرى أن تراكم الأخطاء الشخصية هو الذى سرع بالإطاحة. لكن أحدا لم يقتنع ولا للحظة أن سبق لسان الرجل مع فداحة خطأه هو وحده سبب الإقالة على هذا النحو. المواجهة القصيرة للغاية التى ظهرت بين المحسوبين على الزند داخل «الكيان القضائى» وبين «النظام» ممثلا فى ذراعه التنفيذية كانت سابقة فريدة ترجح منظور صراع النفوذ. وهو ما يميل إليه البعض أيضا فى تحليل ما هو أكثر خطورة وحساسية من هذا حينما يربط ذلك بأحكام الإفراج التى تلته.

أركان الدولة التقليدية ومن يُحسبون فى خدمتها من إعلاميين وكتاب يبذلون جهدا مضنيا فى إنكار مواطن الخلل الواضحة وفى الرد على كل منتقد أو ناصح بسيل من اتهامات الخيانة والعمالة، والحقيقة أن جهدا كهذا كان الأولى توجيهه فى علاج جذور المشكلة بدلا من مفاقمتها. لسنا فى عصر مانشيت الأهرام وإذاعة الشرق الأوسط.