بين قوسين - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين قوسين

نشر فى : الثلاثاء 21 يوليه 2009 - 8:27 م | آخر تحديث : الثلاثاء 21 يوليه 2009 - 8:27 م

 يتمثل فتح القوس فى أول ظهور لعماد حمدى على الشاشة الفضية، كان الفيلم بعنوان «السوق السوداء» 1945 واسم المخرج كامل التلمسانى الذى بحث طويلا عن بطل لا يتسم بالجمال الشكلى لنجوم الأربعينيات، ببياض بشرتهم ورشاقة أجسامهم ونعومة شعرهم، وجد ضالته فى عماد حمدى الذى تتطابق ملامحه مع الملايين فى الأفندية، أبناء الطبقة الوسطى: وجه داكن السمرة، شعر مجعد، أناقة فى غير تزيد، فى عينيه مزيج من العناء والثقة فى النفس، لم يكن دوره فى السوق السوداء «مجرد العاشق الولهان الذى يضنيه حب فتاة تقف العقبات بينهما، ولكن يجسد شخصية مثقف يسارى يقف ضد تجار السوق السوداء الذين امتصوا دماء الشعب إبان الحرب العالمية الثانية، ولأسباب عدة، ربما من بينها ثقل الأفكار والتى يحملها الفيلم، لم ينجح «السوق السوداء» ولكن كان بوابة عبور عماد حمدى إلى عالم الأطياف.

بعد أكثر من 22 فيلما وبالتحديد عام 1983 يغلق القوس بآخر ظهور لعماد حمدى، فى «سواق الأوتوبيس» لعاطف الطيب، وثمة وشائج بين البداية والنهاية، فإذا كان حامد الموظف المثير فى «السوق السوداء» يرنو لتحقيق العدل، فإن «سلطان فى سواق الاتوبيس» يتمنى أنقاذ ورشة النجارة التى أقامها بعرق جبينه، عن براثن أزواج بناته الذين تشبعوا بقيم سنوات الانفتاح، وبالتالى يرغبون فى تحويل الورشة إلى بوتيكات ومعارض موبيليات وفى آخر لحظة له ينسحب عماد حمدى من صالة شقته، بعد أن أدرك تحطم آماله، ويدخل حجرة نومه المتواضعة يطلب من زوجته أن تغلق النافذة، ويتمدد على فراشه مستسلما للموت المادى بعد أن قتل معنويا وروحيا.
ما بين فتح القوس وغلقه، قدم عماد حمدى عشرات النماذج البشرية من أبناء المدينة، ولا نكاد نتذكره فى جلباب فلاح أو«عفريته» عامل، وأظن أن المؤرخين الجدد عندنا سيرصدون أحوال أبناء الطبقة الوسطى، بآمالهم وآلامهم ، بعنائهم الشديد ومباهجهم القليلة من خلال براعة تجسيده للموظف الذى تم الاستغناء عنه فى «حياة أو موت» لكمال الشيخ 1954 أو أدائه المتفهم، بلمساته الإبداعية الخاصة لنمط أحمد عاكف فى «خان الخليلى» لعاطف سالم 1966 أو تعبيره عن بعض أساليب أبناء الطبقة الوسطى فى الخروج من أزماتهم، إما بالتدين الذى يجد فيه وكيل الوزارة السابق ملاذا له فى «ميرامار» لكمال الشيخ 1969 أو يغرق نفسه وإحباطاته كموظف فاشل فى الدخان الأزرق فى ثرثرة فوق النيل لحسين كمال 1969.. عماد حمدى 1909 ــ 1984 ليس فنانا كبيرا وحسب بل جزءا من تاريخنا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات