روح يناير - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روح يناير

نشر فى : الأحد 22 يناير 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : الأحد 22 يناير 2017 - 9:30 م
متى يصل المجتمع إلى درجة النضج كى يفرق بين مثالية الشباب الذين شاركوا فى ثورة 25 يناير، وبين انتهازية بعض القوى السياسية التى حاولت ركوبها واستغلالها ثم سرقتها، ما قاد إلى إجهاضها موقتا؟!

لا احتاج دليلا على أنها كانت ثورة شعب يريد الأمل فى الغد، لأننى رأيت ذلك بنفسى طوال 18 يوما كاملة فى ميدان التحرير. صحيح أننى رأيت قوى سياسية متعددة، لكن الأصح أننى رأيت بعض زملائى وجيرانى وأهالى ومواطنون عاديون جدا وغير مسيسين يتطلعون إلى حياة آدمية كريمة.

الذين نزلوا ظهر يوم الثلاثاء ٢٥ يناير 2011، لم يكونوا يريدون قلب نظام الحكم، أو تولية الإخوان. كانت أقصى أمانى غالبية ــ ولا أقول كل ــ الموجودين بالميدان هى إقالة وزير الداخلية حبيب العادلى أو حتى أن تخفف الشرطة من قبضتها الشديدة.

رأيت ورأى غيرى شبابا يتطلعون إلى حياة نظيفة، وتعليم راقٍ وخدمات صحية آدمية، رأيناهم يكنسون وينظفون الشوارع، وهؤلاء هم الذين جعلونا ننال احترام العالم.

هؤلاء النبلاء هم الذين جعلوا غالبية قادة العالم يحجون إلى ميدان التحرير، ويلتقطون الصور التذكارية فيه، وحولوه إلى نموذج يستلهمه الكثير من الطامحين إلى حياة إنسانية شعارها «عيش حرية كرامة انسانية وعدالة اجتماعية».
لكن السؤال المهم: هل كان كل الموجودين بالتحرير وسائر الميادين مجموعة من الملائكة؟!.

الإجابة هى لا، بل كانت هناك أيضا قوى تريد فقط القفز على الحكم وسرقة ثورة الشباب، وربما كانت مدعومة بقوى خارجية.

وهل الوصول إلى السلطة عيب أو حرام؟! الإجابة هى لا، طالما أنها جاءت عبر الانتخابات الحرة والإرادة الشعبية، لكن الإجابات المثالية ليس لها مكان فى عالم السياسة الفعلى. معظمنا انخدع فى بعض هذه القوى التى أعطاها الشعب فرصة ذهبية،لكنها انقلبت على كل شىء، بما فيها إرادة الناخبين.

الناس تنسى بسرعة، وجماعة الإخوان التى كانت أحد المشاركين فى الثورة، هى نفسها التى انقلبت على كل الشركاء، وخانت الثورة فى كل المحطات المهمة، من محمد محمود إلى أحداث مجلس الوزراء.

كانت الخيانة الأولى فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس 2011، والتى كرست انقسام المجتمع على أساس طائفى بدلا من الصراع مع قوى الفساد والاستبداد ودولة الحزب الوطنى. ثم تكرس الانقسام أكثر حينما كشر الإخوان عن أنيابهم فى الانتخابات البرلمانية نهاية عام 2011 مغلبين منطق «المغالبة لا المشاركة»، وكانت الضربة القاضية حينما خاضوا الانتخابات الرئاسية رغم تعهدهم السابق بعدم خوضها، والنتيجة أنهم أرسلوا رسالة واضحة لا لبس فيها للجميع، بأنهم يريدون كل الدولة والمجتمع، وليس فقط أن يكونوا جزءا من هذا المجتمع، وظهر هذا الأمر جليا فى الإعلان الدستورى فى 21 نوفمبر 2012، الذى جعل كل القوى السياسية تصطف معا فى جبهة الإنقاذ ضد حكم الجماعة، وكانت اللبنة الأولى فى ثورة 30 يونيو 2013.

سرق الإخوان الثورة، لأنهم كانوا قوة منظمة جيدا، ولأن بقية الشركاء كانوا حالمين ومثاليين، وغير منظمين.

وبالتالى فإن كل الجرائم التى ارتكبت بحق 25 يناير،لا تلغى أن الذين آمنوا بها، ودفعوا الثمن الحقيقى لها من دمائهم وأرواحهم كانوا غالبية قوى المجتمع متطلعين إلى حياة آدمية كريمة.

قلت فى هذا المكان وقال غيرى كثيرون منذ 30 يونيو، إن الذين يهاجمون يناير ينسون أن القوات المسلحة هى التى حمت هذه الثورة، وما كان يمكن نجاحها لولا هذا الموقف الوطنى، وبالتالى فمن يتهم يناير بأنها مؤامرة، فهو يتهم الجيش وكل القوى السياسية والمجتمعية بأنها كانت جزءا من هذه المؤامرة.

قد تكون أهداف ومبادئ ثورة يناير قد انتكست، لكن المؤكد أنها لم ولن تموت أو تنتهى، لأنها ببساطة حلم الناس وحقهم فى دولة العدل والمساواة والقانون.

ثورة يناير ليست مقدسة او منزهة عن الخطأ، ومن حق معارضى، هذه الثورة، أن يختلفوا معها كما يشاءون، ومن حقهم أن ينتقدوا سلوك الإخوان الكارثى فى هذه الثورة، لكن ليس من حقهم، وليس من مصلحتهم الاختلاف مع مبادئ وشعارات هذه الثورة.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي