محمد خان - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 5:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد خان

نشر فى : الأربعاء 22 يونيو 2011 - 8:43 ص | آخر تحديث : الأربعاء 22 يونيو 2011 - 8:43 ص

 نسيت أن محمد خان لا يحمل الجنسية المصرية، ليس بسبب الألزهايمر الخفيف الذى بدأ يطرق الأبواب، ولكن لأن المعلومة غير قابلة للتصديق، حتى وإن كانت مؤكدة، فالعقل يرفضها كما ترفض المعدة الطعام الفاسد.. مخرجنا الموهوب الأثير، يشغل مساحة واسعة ومهمة ومحترمة، نابضة بالحضور، على خارطة السينما المصرية، لا يمكن تجاهلها.. أعماله الإبداعية، طوال أربعة عقود، أصبحت جزءا مشرقا من تاريخ الفن، مصريا تماما، برغم خصوصيته التى لا تنتمى إلا لمحمد خان، فبعد عدة أفلام قصيرة، بدأها بـ«الضايع» 1963، حقق أول أفلامه الروائية «ضربة شمس» 1978، حيث بدا من الواضح أنه صاحب أسلوب جديد، لم يأت من فراغ، ولكن استند إلى الجوانب الإيجابية التى أنجزها العديد من المخرجين المصريين.

أخذ من كمال الشيخ، وبالذات «حياة أو موت» 1954، جرأة النزول إلى شوارع المدينة، لمتابعة شخص تائه أو حائر أو مطارد، وأخذ من صلاح أبوسيف ذلك الحس الشعبى، سواء بالشخصيات القادمة من قلب الحياة أو بمكونات المكان، من مقاهى وعربات الفول والكبدة، بالملتفين حولها، نكاد نتذوق طعم البصل ونشم رائحة القلى. أخذ شيئا من رقة ورهافة عز الدين ذوالفقار. وربما استفاد من جاذبية السرد عند نيازى مصطفى وحسن الإمام .

محمد خان استوعب تراث السينما المصرية، بل وقدم عنها دراسة باللغة الإنجليزية، عنوانها «مقدمة للسينما المصرية». فى ذات الوقت، تابع بشغف الأفلام الأجنبية، قديمها وحديثها، ومن جماع هذه الثقافة، وتأملاته فى واقعه، جاءت أفلامه معبرة بعمق، وتفهم، لنماذجه المصرية، بآمالها وآلامها، خلال العقود الأخيرة.

عند محمد خان، يخفق قلبك مع أحمد زكى وهو يؤدى أدوارا متباينة، لا يجمع بينها إلا مأساوية المصير: يكاد يلقى حتفه فى «طائر على الطريق»، ويموت قتيلا فى «موعد على العشاء»، وينتظره مصير مظلم فى «زوجة رجل مهم».. وتطالع، بشفقة «أحلام هند وكاميليا» المهدرة، ونتابع حيرة وقلق يحيى الفخرانى، فى «خرج ولم يعد» و«عودة مواطن». وترى، بنفاذ، أغوار الفاشلين عادل إمام فى «الحريف»، وممدوح عبدالعليم فى «سوبر ماركت». هكذا، خلال «22» فيلما روائيا ــ حتى الآن ــ يقدم محمد خان عشرات اللوحات الصادقة، المليئة بالحيوية، للواقع المصرى.

أفلام محمد خان، رفعت العلم المصرى عاليا، يوم فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مهرجان «نانت» 1982، عن «طائر على الطريق». وجائزة التانيت الفضى فى مهرجان قرطاج عام 1984 عن «خرج ولم يعد»، والسيف الفضى فى مهرجان دمشق 1987 عن «زوجة رجل مهم»، والجائزة البرونزية من مهرجان فالينسيا الإسبانى 1988 عن «أحلام هند وكاميليا»، وحصل على وسام الاستحقاق الوطنى فى ميدان الثقافة من الجمهورية التونسية عام 1998.. وفى «٢٠٠٨» جاء تكريمه فى المهرجان القومى للسينما المصرية، حيث كتب الناقد الكبير، أحمد يوسف، دراسة تحليلية ضافية عن أعماله، بعنوان «ذاكرة سينمائية تتحدى النسيان»، تعتبر دراسة نموذجية، تبين بجلاء رؤية مخرج لوطنه، وترصد معالم جماليات أسلوبه.. محمد خان، ابن البلد، ملك النكتة، مرتاد المقاهى الشعبية، العارف بالأزقة والحوارى، المصرى حتى النخاع.. من العار ألا يملك جواز سفر مصريا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات