سيد درويش.. فى دير القمر - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 1:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيد درويش.. فى دير القمر

نشر فى : الخميس 22 يوليه 2010 - 6:34 م | آخر تحديث : الخميس 22 يوليه 2010 - 6:46 م
بعد قرابة قرن من الزمان، يعود سيد درويش إلى بر الشام، ذلك المكان العامر بالألحان، الذى منح أسراره، عن طيب خاطر، لسيد الموسيقى العربية، يوم أن جاء من بر مصر، ليرتشف، ويستوعب، أصوات المقرئين وتراتيل الكنائس ونداءات الباعة وأغانى المناسبات، ويتعلم الكثير، على يد معلمه الحلبى الأثير، عثمان الموصلى، أستاذ الإنشاد الدينى.

. سيد درويش، يعود هذه المرة بأغنياته، التى صدحت فى فضاء دير القمر، تلك القرية ذات العبق التاريخى، المليئة بالقصور ذات الطابع العثمانى، التى تحول بعضها إلى متاحف وفنادق ومراكز للثقافة والفنون.

وفى إحداها، توافد جمهور ضخم، ليتجاوب منتشيا، مع صوت، وطريقة أداء المغنى اللبنانى الصاعد، الموهوب، عيسى غندور، المفتون بتراث سيد درويش، ذلك التراث الثرى الذى تعرف عليه من خلال والده الملحن حسن غندور، وسليم سحاب، قبل حضور الأخير إلى مصر.

عيسى غندور، ليس مجرد صوت عذب، ولكن صوت معبر، متعدد الألوان، والطبقات، ينتقل بنعومة من حال لحال، من انفعال لانفعال، بل يمزج عدة أحاسيس فى الأغنية الواحدة، فالرجاء المترع بالمحبة، ممتزجا بعتاب رقيق، يتجلى فى أدائه لأغنية «زورونى كل سنة مرة وبلاش تنسونى بالمرة».

ويتعمد الغندور، قبل كل أغنية، أن يحكى، على نحو مؤثر، ظروف إبداع الأغنية، مما يجعل تذوقها أبعد غورا، فمثلا، بالنسبة لزورونى، يقول إن سيد درويش كتب كلماتها بنفسه، يوم أن زار قبر والدته بعد طول غياب.

. وطبعا، يتحدث حديثا مفعما بالوطنية، حين يشير إلى ملابسات «يا بلح زغلول»، وعلاقتها بالزعيم سعد زغلول من ناحية، وإستلهامها لنداءات الباعة من ناحية ثانية وفى أدائه لهذه الأغنية يصل إلى آفاق بعيدة فى جمل «بصرخ عليك وأنادى فى كل وادى»، حيث تضج بالشجن والأشواق، وربما بشىء من اللوعة، والتوحد مع الزعيم المنفى.

الغندور يرى، وهو محق فيما يراه، أن سيد درويش يشبهه، ويشبهنى، ويشبه كل الناس الذين يبنون الحياة، ويواجهون صعوبتها، بل مرها، بشجاعة وأمل، وإلا لما غنى، وجعلنا نغنى، لكل «الشيالين» و«السقايين» و«الحلوة أهيه قامت تعجن فى البدرية».. وهو أصر على أن كلماتها هى «الحلوة أهيه» وليس «الحلوة دى». ولم أتأكد من ذلك.

فى هذه الأمسية اللبنانية، المصرية، الدرويشية، الغندورية، نتنقل بصوت عيسى بين المرح والتآخى فى «سرقوا الصندوق يا محمد» إلى العزيمة والحكمة فى «شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك»، إلى الطمأنينة والبهجة فى «سالمة يا سلامة».. ولم يفته أداء مقطع «الشيطان» الصعب من أوبريت «الباروكة»، فكاد يحول خشبة المسرح إلى ديكورات ودخان وعيون «تطق شرار».. سيد درويش، بصوت الغندور، حضر بقوة.. فى دير القمر.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات