العالم لن يموت من أجلنا - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 12:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العالم لن يموت من أجلنا

نشر فى : السبت 22 أكتوبر 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : السبت 22 أكتوبر 2016 - 9:20 م
نسب لنائب رئيس الوزراء التركى٬ نعمان قورتولموش٬ تحذيره من خطر الخلافات حول معركة الموصل٬ وأنها قد تكون ذريعة لشن حرب عالمية ثالثة! توجد مشكلة فى العراق بسبب الصراع الطائفى الشيعى السنى والعرقى العربى والكردى والتركمانى، لكن لن تتسبب معركة الموصل فى حرب عالمية٬ ولا حتى حرب إقليمية واسعة. ولا الحرب على حلب ولا سوريا ولا العراق ستتسبب فى مواجهات حرب كبيرة. وكل ما يتردد عن قرب حرب عالمية هو من ارتفاع درجة حرارة النقاشات فى منطقتنا٬ ولا علاقة لها بالمخططين الاستراتيجيين٬ وصناع القرار الذين يجلسون فى غرف مكيفة على بعد آلاف الأميال من منطقتنا فى أمريكا وروسيا. العالم ملىء بالحروب والخلافات٬ وما قد يتطور منها إلى حروب واسعة ومدمرة كالحرب العالمية الماضية٬ ويخشى منها أن تتسبب فى صدام عالمى مدمر هو احتمال ضعيف جدا ومستبعد جدا.

فالحرب العالمية الثانية أكلت ستين مليون إنسان٬ معظمهم فى الغرب٬ وأى حرب عالمية ثالثة ستكون مريعة٬ حيث يقدر أنها ستقتل مليار إنسان٬ لأنها ستستخدم الأسلحة الوحيدة القادرة على «تحقيق الانتصار» أى أسلحة الدمار الشامل من نووية وكيماوية. يعنى ستختفى دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا ومعظم روسيا٬ ومناطق النفوذ الحيوية. لن يكون هناك منتصر وسيعود العالم كله للعصر الحجرى، وقد لا تكون الأرض صالحة للعيش الآدمى. لهذا٬ لم تنشب حروب مباشرة فى ذروة الصراعات الدولية٬ وما عرف بالحرب الباردة بين المعسكرين الأمريكى والسوفييتى كلها كانت بالوكالة أو غير مباشرة. الأمريكيون قتل لهم فى الحرب الفيتنامية الكمبودية نحو 140 ألف جندى، ومع هذا لم يلجأوا إلى استخدام السلاح النووى، وانسحبوا بعد الهزيمة. خسروا فى العراق أربعة آلاف قتيل وانسحبوا. الروس تهاوت إمبراطوريتهم٬ وخسروا 15 دولة كانت جزءا منهم٬ وفقدوا ثلاثة أرباع أراضيهم ونصف سكانهم٬ ومع هذا لم يتحدثوا عن حرب عالمية ثالثة٬ ولم يطلقوا صاروخا نوويا واحدا٬ بل استمروا يلعبون لعبة الشطرنج القديمة فى الصراع مع منافسهم على النفوذ والمناطق! وليس مستحيلا أن يصعد مستقبلا زعيم مجنون ويستخدم ما لديه من أسلحة نووية٬ هذا السيناريو يؤرق العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية٬ وقد وضعت كثير من الضوابط والبروتوكولات من أجل تحاشى الوصول إلى نقطة الجنون هذه٬ ولو حدث فلن يكون السبب فى الضغط على الزر النووى معارك جانبية٬ مثل معاركنا فى الموصل أو حلب أو غيرها فى منطقتنا.

الدول العظمى تعتبر حروبنا جانبية لا تستحق منهم ارتكاب حرب انتحارية يدمرون فيها بلدانهم. وما يتكرر نشره فى الإعلام العربى والإيرانى من أحاديث منسوبة لشخصيات عالمية مثل الرئيس الروسى أو هنرى كسينجر عن حرب عالمية ثالثة كلها مزورة. ما الحالات التى يمكن للدول الكبرى فيها ارتكاب حماقة الحرب النووية عالميا؟ فقط عندما يصبح أمنهم المباشر فى قلب الخطر٬ وتصبح بلدانهم معرضة للزوال. سيناريو يعتبر خارج التصور. نحن نتخيل أن العالم حريص على أمننا أو استقرارنا. الحقيقة العالم لا يهمه أمرنا. كل همه ألا يصله إرهابيونا ولا لاجئونا ولا أن ندمر آبار نفطنا لأنه مصدر الطاقة لهم. عدا ذلك لا أحد فعلا يهتم. المسئول الوحيد هو حكومات دول منطقتنا عن الحروب والسلام. فمنطقة الشرق الأوسط تعيش حالة فشل سياسى مستمرة منذ نصف قرن٬ عجزت عن التعايش مع بعضها٬ وعجزت عن التوصل إلى اتفاق متكامل يعتمد الحدود المرسومة٬ ويحترم الاتفاقيات٬ ويتعهد بشكل جماعى نبذ الحروب فى حسم الخلافات. نحن اليوم لانزال نعيش فى غابة٬ فيها أنظمة مثل الوحوش الكاسرة كل همها النهب والسلب. لانزال نعيش مثل أيام العصور الغابرة٬ لا تدرى من يغير عليك عندما تأوى إلى فراشك.

عبدالرحمن الراشد
الشرق الأوسط
التعليقات