جبران - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 2:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جبران

نشر فى : الأربعاء 23 مارس 2011 - 9:48 ص | آخر تحديث : الأربعاء 23 مارس 2011 - 9:48 ص

 عدة دوافع تجعل من مشاهدة مسرحية «جبران.. لوحة عمر» هدفا لمن يزور بيروت، فالكتابات، فى الصحافة اللبنانية، تشيد بالعرض، وتصفه بالمبهر، والمبتكر، لأنه يعتمد على اللوحات التى رسمها الأديب، المفكر والشاعر، جبران خليل جبران «1883 ــ 1931». وربما جاءت الرغبة فى استطلاع مسرح ما بعد إنجازات الرحبانية، هدفا فى حد ذاته. ولكن الأكيد إغراء المشاهدة يكمن فى اسم «جبران خليل جبران»، صاحب الحياة القصيرة، التى لم تتجاوز عدة عقود، أقل من أصابع اليد الواحدة، تمكن خلالها، بروحه التواقة، وبعقله اليقظ، وقلبه المتفجر بالمشاعر أن يهبنا بسخاء زاد ثقافيا إبداعيا فى أكثر من مجال، فإلى جانب رواياته، مثل «الأجنحة المتكسرة»، تأمل، على نحو صوفى «النبى»، و«المسيح»، وكتب عشرات القصائد، لاتزال عالقة فى الأفئدة، بصوت فيروز التى غنت له، بألحان محمد عبدالوهاب «سكن الليل»، وبصوت ماجدة الرومى، التى غنت له، بألحان جوزيف خليفة «نشيد المحبة».. وبريشته، رسم مجموعة من اللوحات ذات الطابع الأثيرى، قد لا ينتمى إلا له، حيث تبدو أقرب للأحلام، يربط بينها خيط غير مرئى، ورؤية قد تتجلى فى قصيدة «الأرض لكم»، التى شدت بها فيروز، بألحان زياد رحبانى، خاصة مقطعها الذى يقول «انهضوا من قيدكم.. عراة أقوياء.. والأرض لكم.. قدسوا الحرية.. حتى لا يحكمكم طغاة الأرض.. كلكم تقفون معا أمام وجه الشمس».

المسرحية، استعراضية غنائية، تعتمد على الطاقة الإبداعية لأكثر من ثلاثين شابا وشابة، يترجمون رؤية المخرج، صاحب الفكرة «جو خرزل» ــ هكذا اسمه ــ وفيها تتحول «22» لوحة لجبران إلى حركة راقصة على خشبة المسرح، تعززها إضاءة توحى بمطلع الفجر، أو بمدخل الليل، وأزياء حريرية ناعمة، وستارة سينما فى العمق، يعرض عليها لوحات أو مشاهد سينمائية، لها علاقة بحياة جبران، سواء فى لبنان أو الولايات المتحدة الأمريكية التى هاجر لها، مع أسرته، بعد أن ضاقت بهم السبل، بسبب الاحتلال التركى.

تنقسم المسرحية إلى فصلين، فى الفصل الأول شذرات من طفولة جبران، أعمقها تأثيرا تلك التى تتعرض لعلاقة والدته الحانية به، فلولاها لما استطاع أن يغدو على ما أصبح عليه، فهى التى حمته من قسوة الأب، تلك القسوة التى تسامح معها جبران، لكن لم ينس أبدا تلك الأم التى أغدقت عليه محبتها، شأن كل الأمهات.. وثمة مواقف حوارية بينه و«مارى هاسكل» التى خفق قلبه بحبها، وتتوالى اللوحات البشرية، الراقصة، حيث تتحرك وفقا للخطوط اللينة، المنسابة، فى اللوحات التى رسمها جبران.. ومنها، على سبيل المثال، رقصة «سالومى» ورأس «يوحنا» التى جزها أحد الطغاة.. وفى الفصل الثانى، يتدفق العرض بالمزيد من ترجمة تأملات جبران، فى موقفه الرافض للظلم، والفقر، واليأس. والمبشر بالحب والعدل والصبر، والقائل إن «الرغبة نصف الحياة، أما عدم الإكتراث فنصف الموت»، والقائل أيضا، وسط أى متاعب «اعطنى الناى وغنى..».

استفاد «خرزل» من تراث الرقص اللبنانى، الفلكلورى، واتجه نحو الرقص التعبيرى الحديث، وترك جانبا مقتضيات الصراع على خشبة المسرح، وجعل عرضه معتمدا على المتعة البصرية، وحقق ما يصبو له، برغم تلك الرقصة الطويلة، القائمة، فى النهاية، التى تنتمى لحركات «الندابات» التى لا تليق بجبران، الذى أنشد للبهجة.. والحياة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات