خرافة التطابق فى العلاقات العربية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 12:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خرافة التطابق فى العلاقات العربية

نشر فى : الأحد 23 أبريل 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الأحد 23 أبريل 2017 - 9:50 م

أكتب هذه الكلمات مساء السبت، أى قبل سفر الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الرياض، وقبل القمة المنتظرة بينه وبين العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز.
مجرد عقد القمة يعنى أن الأمور تحسنت أو بدأت تعود إلى مجاريها الطبيعية، بعد اللقاء التمهيدى بينهما على هامش القمة العربية الأخيرة فى البحر الميت بالأردن أواخر شهر مارس الماضى.
كتبت قبل ذلك فى هذا المكان مرارا، وأكرر اليوم، عن ضرورة أن يتوصل البلدان بأقصى سرعة ممكنة إلى آلية لإدارة أى خلافات أو اختلافات موجودة الآن، أو قد تنشأ مستقبلا.
لا يعقل وسط كل هذه المخاطر الوجودية التى تحاصر وتهدد المنطقة، أن يتسبب مقال عابر هنا، أو تصريح تليفزيونى هناك، فى زعزعة أسس هذه العلاقات، التى صارت «الوتد الأخير» الذى يحمى الخيمة العربية من الانهيار الكامل.
علينا أن نتخلص للأبد من «وهم التطابق» الذى نذكره ليل نهار بشأن علاقات مصر والسعودية أو علاقات أى دولة بأخرى. لا توجد دولة واحدة فى العالم تتطابق كل سياساتها مع الأخرى، بحكم أن التنافس والتمايز والتباين والصراع هى سنة الله فى الكون. إذا كانت أسيوط وسوهاج، أو الرياض وجدة تتنافسان أحيانا، أو إذا كان الابن يختلف مع أمه وأبيه أحيانا ومع زوجته دائما، فهل يعقل أن تتطابق المواقف بين بلدين كبيرين؟!.
ليس عيبا وجود خلافات بشأن بعض القضايا، لكن العيب الكبير هو إغفالها تماما، وكأنها لم تكن، أو تضخيمها بشكل كبير، بحيث «تتحول نزلة البرد العابرة إلى سرطان خبيث لا قدر الله».
أدرك أن خلافات البلدين منذ إبريل الماضى، لم يكن سببها الإعلام فقط، كما يحلو للبعض أن يقول. هذا تبسيط شديد ومخل للأمور، لأن ما يفعله الإعلام فى ملف علاقات البلدين ــ ومعظمه مشوه وسلبى وسطحى ــ مجرد انعكاس لحقيقة الخلافات بين البلدين، بشأن قضايا مختلفة صرنا نعرفها جميعا.
السؤال المحورى الذى يفترض أن نبحث عن إجابة عليه فى علاقات البلدين هو:
إذا كان من المنطقى وجود خلافات بين البلدين، فكيف يمكن إدارتها والتعامل معها، بحيث لا يتحول الأمر إلى قطيعة كاملة، وحروب إعلامية على طريقة داحس والغبراء؟!.
هل من المعقول أن تقبل مصر أو السعودية أن تختلفا مع أمريكا أو أى دولة أوروبية، وتستمرا فى إقامة علاقات طبيعية معها، ولا يحدث ذلك بينهما عند أول خلاف؟!.
أعلم أن العلاقات متشعبة ومتداخلة ولاتزال ــ والحمد لله ــ تقوم على أسس راسخة كثيرة منها المصالح المشتركة فى كثير من المجالات، والحمد لله فإن الأزمة الأخيرة تمت إدارتها بأقل قدر من الخسائر.
لكن أخشى أن تكون هناك أطراف داخل البلدين، والمؤكد خارجهما، تتربص بهذه العلاقات، وتسعى بكل الطرق لإفسادها.
طبعا الأمور ليست مثالية، لأن العقلية العربية، لاتزال تميل إلى شخصنة العلاقات السياسية، فإذا صلحت العلاقات بين القادة، انعكست فورا على بقية المجالات والعكس صحيح.
نريد أن نصل إلى العقلية الأوروبية الغربية التى كنا ننتقدها دائما ونصفها دائما بأنها «عملية برجماتية نفعية»، وكأنها سبة أو شىء يدعو للخجل والعار!.
مثل هذه الصفات العملية تعنى أن المصالح العليا لأى بلد ،لا ينبغى أن تخضع لمزاج هذا المسئول أو الوزير أو الرئيس أو الملك أو ولى العهد أو أى شخص، بل ينبغى أن تخضع فقط لمصالح الناس.
وتطبيق ذلك، أن خلافات القادة والمسئولين ــ إذا حدثت ــ ينبغى أن تظل فى إطارها الصحيح، ولا ينبغى أن نعود إلى «الطريقة القذافية»، الذى كان يقوم بقيادة لودر ويكسر به بوابات الحدود بين ليبيا وكل من مصر أو تونس أو الجزائر، وإذا غضب فى اليوم التالى، يقرر طرد كل العمالة الخاصة بهذه البلدان!!.
نريد أن نصل إلى حد أدنى من التحضر فى بلورة نماذج محترمة للعلاقات بين كل الدول العربية. والسؤال: من الذى يضره أن تكون هناك علاقات مصرية سعودية جيدة؟!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي