الحكومة تضحى من أجل الرئيس - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 12:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحكومة تضحى من أجل الرئيس

نشر فى : الخميس 24 أبريل 2014 - 6:15 ص | آخر تحديث : الخميس 24 أبريل 2014 - 6:15 ص

صدقا ويقينا كان الله فى عون أى مسئول فى هذا البلد يقرر الآن أو خلال الأسابيع والشهور المقبلة اتخاذ أى قرار يتعلق بالإصلاح الاقتصادى خصوصا ترشيد دعم الطاقة.

لا تصدقوا حكاية ان ترشيد الدعم لن يمس الفقراء حتى لو كانت القرارات موجهة للأغنياء فقط. لدينا تجارب متنوعة خلاصتها ان أى رفع لأسعار الوقود ولو بقرش واحد تؤدى مباشرة إلى رفع العديد من أسعار السلع والخدمات.

فى 17 يناير 1977 اتخذ الرئيس الأسبق أنور السادات قرارا برفع أسعار بعض السلع الرئيسية بضعة قروش.

خرجت مظاهرات حاشدة فى انتفاضة شعبية مشهورة اطلق عليها السادات «انتفاضة الحرامية»، ورغم ذلك فقد رضخ وألغى القرارات فى اليوم التالى، من يومها وعت كل الحكومات الدرس، ليس تعاطفا مع الفقراء، لكن خوفا من غضبهم، وبعدها لجأت إلى الحيل لرفع هذه السلعة أو تلك. ولأن الحكومات لم تكن شعبية، وكان أغلبها غارقا فى الفساد وحماية النظام، فكانت تتلكأ فى اتخاذ إجراءات حقيقية للإصلاح الاقتصادى.

صحيح انها لم ترشد الدعم خصوصا للطاقة لكنها فى المقابل لم تؤسس نموذجا حقيقيا للاقتصاد الوطنى، وبالتالى انتهى الأمر إلى ما يشبه الكارثة التى نعيشها الآن.

تخيلوا لو أن الحكومات المتعاقبة كانت اتبعت سياسة رشيدة تقوم على قاعدة العدالة الاجتماعية. وتخيلوا أيضا انها حاربت الفساد وكافأت المنتجين، وتخيلوا ثالثا انها دعمت الفقراء وليس الوسطاء والسماسرة.. لو انها فعلت ذلك حقا وصدقا ما كنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن.

القاعدة التى استنها السادات وطورها مبارك هى: «اتركوا الدعم قائما حتى لو كان معظمه لا يذهب إلى مستحقيه طالما ان النظام مستقر ومستمر». والنتيجة ان هذا النظام الفاسد أفسد البلاد والعباد مقابل ان يستمر طيلة هذه الفترة حتى تنحى مبارك فى 11 فبراير 20111.

لو أن الحكومة الانتقالية المؤقتة التى تدير شئون البلاد الآن قررت ان تبدأ فى اتخاذ القرار الصعب وهو بدء الترشيد فإنها ستكون قد قدمت خدمة جليلة للرئيس الجديد الذى سيجلس على كرسيه بعد أسابيع، حتى لا يقال انه بدأ عهده برفع الأسعار.

الحكومة الراهنة لا تبحث عن مجد، وهى تدرك انها مؤقتة بالفترة الانتقالية، ولا تسعى إلى مغازلة الشعب، وبالتالى فإن ما كتبه «ابن بلد» فى عدد الثلاثاء قبل الماضى من «الشروق»، يبدو أنه بدأ يتحقق فعلا على أرض الواقع.

الكاتب اقترح يومها ان تشرع الحكومة فى تدشين دعم الطاقة لتعطى الرئيس الجديد فرصة حقيقية للانطلاق، وتقرر بالفعل رفع اسعار الغاز للمنازل، وبعدها بأقل من أسبوع أعلن وزير التخطيط الدكتور أشرف العربى ان بعض أسعار شرائح الكهرباء ستبدأ فى الارتفاع قبل إجراء الانتخابات الرئاسية.

هذا اسوأ توقيت لبدء ترشيد الطاقة، وبالمنطق الطبيعى فى أى مكان بالعالم، لا تقدم أى حكومة عاقلة على اتخاذ قرار برفع الأسعار قبل أيام من إجراء أى انتخابات وفى ظل الاستقطاب وعدم الاستقرار الامنى، لكن يبدو أن أحوالنا الاقتصادية من الصعوبة فعلا بحيث انها لا تخضع لأى منطق.

فى كل الأحوال ــ وبغض النظرعن طبيعة القرارات الصعبة التى ستتخدها حكومة محلب ــ فإن رد فعل الناس عليها سيتوقف على من سيدفع التكلفة الأكبر: الفقراء أم الأغنياء، وهل ستكون فعلا من أجل الإصلاح الشامل أم مجرد حلقة منفصلة بسبب ضغوط الواقع؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي