سلخ رجال الأعمال - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 1:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سلخ رجال الأعمال

نشر فى : الأحد 24 مايو 2009 - 10:09 م | آخر تحديث : الأحد 24 مايو 2009 - 10:09 م

 أسوأ نتيجة يمكن الوصول إليها فى أعقاب الحكم بإعدام هشام طلعت مصطفى، هى أن رجال الأعمال فاسدون ومفترون وجبابرة، وأن حياتهم خليط من الرذيلة والخيانة والسفه.

أذكركم ونفسى بأن عددا من الجرائم التى هزت مجتمعنا أخيرا، وبينها قتل مديرة الائتمان فى بنك مصر، وذبح طفلين والتمثيل بجثتيهما، وإطلاق النار على أسرة فى وضح النهار وغيرها، كان أبطالها أناسا عاديين لا نفوذ لهم ولا سلطان، وعديد من جرائم الاغتصاب والتحرش والخطف، مرتكبوها من محدودى الدخل أو معدوميه، وشبكة تشغيل الأطفال فى أعمال منافية للآداب بالإسكندرية، كان زعيمها بواب لا صاحب أملاك.

ليس هذا دفاعا عن هشام طلعت بطبيعة الحال، وليس تهوينا من حجم الجرم الذى ارتكبه، وليس موافقة على فكرة زواج المال بالسلطة فحصادهما مفسدة مطلقة، وإنما تحذير من خلط الحابل بالنابل، وتغذية النعرات الطبقية ذات النزعة الرومانسية، والتى ترى الشرف والعفة والطهارة صفات تليق فقط بالفقراء والمعدمين، أما الأثرياء فليسوا سوى مصاصى دماء، كوّنوا ثرواتهم «بعرق الغلابة» و«كفاح البسطاء»، حتى صار وصف «رجل الأعمال» سبة تستدعى كل الصفات القبيحة.

رجال الأعمال بشر فيهم الصالح والطالح، وفى مجتمع قائم على الاقتصاد الحر والسوق المفتوحة، فإنهم يمثلون عصب هذا الاقتصاد، و80% من حركة المال والأعمال والتشغيل تقوم عليهم، والمجتمع القوى المتعافى، يزيد فيه القادرون وتتقلص مساحة الفقر والفقراء.

وهنا بالضبط مربط الفرس، وهنا إمكانية للاستفادة من الدرس.

رجال الأعمال مطالبون بإثبات أنهم رأسمالية وطنية بجد، وأنهم يشتغلون لصالح هذا البلد و«لايشتغلون» عليه، وأن مراكمة الثروة «الحلال» مما يحمد لهم، لأنها فى النهاية ستعود بالنفع على أبناء الوطن كله، إما فى صورة فرص عمل متنامية أو ضرائب مستحقة أو زيادة فى المشروعات التى تستفيد منها قطاعات عديدة، أما نهابو أموال البنوك والهاربون بقروض الناس ومحترفو غسيل الأموال فهم لصوص ونصابون وليسوا رجال أعمال.

الدولة من جانبها مطالبة بأن تصحو من الغيبوبة، أن تفعّل دورها الرقابى وتستعيد مؤسساتها التى تراجعت، فأفسحت مجالا لمراكز قوى جديدة، لا يرعون حقوق الناس ولا يخشون الله.

لاشىء يعيد الأمور إلى نصابها أكثر من أن تستعيد الدولة عافيتها، وأن تسهم بإجراءات عملية فى تخفيف الإحساس بالفقر واتساع الهوة بين الطبقات، وأن يصبح القانون حكما بين الناس جميعا، وأن تحيط روح العدالة بالجميع، فقراء وأغنياء، حكاما ومحكومين، مسلمين وأقباطا، حينها فقط، نستعيد معنى المواطنة وتصبح مصر فعلا لكل المصريين.

الناس تحتاج للعدل أكثر من احتياجها للإحسان.

** فكرة:
عندى اقتراح أتمنى أن يأخذه رجال الأعمال على مأخذ الجد: أن يتولى كل مائة ينتمون إلى محافظة من محافظات مصر عمليات التنمية وتشغيل الشباب فيها، وأن يتم وضع خطط تفصيلية للمشروعات المقترحة وتكلفتها، وأن تساعدهم الدولة بتوفير المرافق والبنى التحتية والبيانات الضرورية، وأن تخصم مساهماتهم من الضرائب المستحقة عليهم، وأتصور أن كل محافظة لو توفر لها مليار جنيه سنويا (10 ملايين من كل رجل أعمال) فإن الحياة فيها ستتغير بعد ثلاث أو خمس سنوات على الأكثر.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات