بعد الطوفان - خالد الخميسي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بعد الطوفان

نشر فى : الأحد 24 يوليه 2011 - 8:52 ص | آخر تحديث : الأحد 24 يوليه 2011 - 8:52 ص

 اجتمع «زيوس» رب الأرباب وإله السماء والرعد مع «بوسايدن» إله البحار والمحيطات و«إيريس» رسولة الآلهة و«نوتوس» إله رياح الجنوب ومع آلهة الأنهار. تحدث زيوس عن سخطه وغضبه من سلوك الإنسان على الأرض وما وصلت إليه أفعاله من عقوق وإفساد حتى بات الأمل فى إصلاحه مستحيلا. وأنه قرر إغراق الأرض بالمياه بمساعدة بوسايدن وآلهة الأنهار وسوف تهب رياح الجنوب معلنة القضاء على الإنسان الفاسد والشرير، فقد آن الأوان لظهور إنسان جديد: الإنسان البطل. وطلب زيوس من الحضور العمل فورا على تنفيذ قراره هذا. وفى نهاية الاجتماع أعلن قراره بالإبقاء على «دوكاليون» ابن «بروميثيوس» وزوجته «بيرها» اللذين سوف يصلان إلى قمة جبل برناسوس ــ المكان المقدس لعبادة آلهة السماء والأرض ــ وهناك سوف تنتظرهما سفينة بناها لهما «بروميثيوس».

جاء الطوفان امتثالا لأمر رب الأرباب وارتفعت مياهه حتى غطت أعالى الجبال، وهلك الفساد والكذب والغش والدنس مع من هلك. وعاش «دوكاليون» وزوجته بعد أن وصلا إلى السفينة القابعة فوق جبل «برناسوس»، وظلا فى السفينة لمدة تسعة أيام. وبعد أن أمر زيوس بانحسار المياه، تلقيا الأمر بإعادة تعمير الأرض ببشر جدد. وجاءتهم الرسالة عن طريق الإلهة «تيميس» إلهة العدالة والقانون والإنصاف. وكان فحوى الرسالة: أن يقوموا بإلقاء عظام جدتهم خلف ظهورهم. ويدرك الزوج الناجى من الرسالة أن جدتهم هى الأرض وأن عظامها هى أحجار الأرض، فيمسك «دوكاليون» بحجارة من على الأرض ويلقيها خلف ظهره، فتتحول الحجارة إلى رجال، وتلقى «بيرها» الحجارة من خلف ظهرها، فتتحول تلك الحجارة إلى نساء. رجال ونساء جدد قدوا من عظام الجدة الأرض، وذلك لتعمير الأرض بأناس جدد لا يعرفون الخسة والسرقة والضعف والابتذال وإنما يدركون ما ينبغى على الإنسان إدراكه من شجاعة وإقدام وعزة.

الثورة طوفان يأتى لإعلان نهاية مرحلة وبدء مرحلة جديدة، وللبدء ينبغى أن نبدأ ببشر جدد تأتى كلمتهم من الربة «تيميس» إلهة العدالة والقانون والإنصاف وتقد أجسادهم من حجارة صلبة كما ذكرت الأسطورة اليونانية منذ أكثر من ألفى عام. بشر جدد لا يهابون قول الحق، فلا أمل فى بشر صنعوا الفساد فى الأرض، أو بشر ترتجف قلوبهم ذعرا من صناع الفساد. إن التغيير الكامل شرط من شروط تحقق الثورة.

تفجر الطوفان ولم يبق لنا سوى الاستماع إلى صوت ربة الانصاف والعدالة لخلق صف جديد يحمل شعلة الوطن. وبالتأكيد فهذا الصف لا علاقة له من قريب أو بعيد بكل الأسماء المطروحة الآن على الساحة السياسية المصرية. هذا الصف من الثوار الأبطال يقف حتى الآن خلف ظهورنا، نحن لا نراه ولكننى أعرف أن أنظاره شاخصة نحو الغد، وسوف نجده قريبا يتقدم جميع الصفوف.

خالد الخميسي  كاتب مصري