معايير تحديد جودة التعليم - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معايير تحديد جودة التعليم

نشر فى : الأربعاء 25 مايو 2016 - 10:35 م | آخر تحديث : الخميس 27 أكتوبر 2016 - 7:36 م

اتفق الجميع بأن جودة التعليم شىء مهم، لكن ما الذى تعنيه الجودة؟ وكيف يتم تعريفها؟ لقد تمت دراسة هذا الموضوع بشكل كبير من قبل المنظمات الدولية المعنية بالتعليم، باعتباره حجرا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما فى ذلك البنك الدولى ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى «UNDP»، ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية «OECD». وقد نشرت كل هذه المنظمات تقارير حول هذا الموضوع.


لكن ما يهمنا هو فهم وكشف الجهة التى تأتى منها فكرة الجودة التعليمية، وكيف تم خلق وتعريف الحوار حول جودة التعليم فى المنطقة العربية.


من المهم أن ندرك بأن مصطلح «الجودة» مؤسس اجتماعيا. وهذا يعنى بأن ما نعنيه بجودة التعليم يعتمد على كيفية قيامنا، كمجتمع، بتحديد ما نقدره على أنه تميز فى التعليم. على نحو متزايد، يتم قياس جودة التعليم اعتمادا على مستوى أداء الطلاب فى التقييمات الدولية. على سبيل المثال، أصبح البرنامج الدولى لتقييم الطلاب «PISA» التابع لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وبرنامج دراسة التوجهات الدولية فى العلوم والرياضيات «TIMSS» التابع للجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوى، والدراسة الدولية لقياس مدى التقدم فى القراءة فى العالم «PIRLS» مؤشرات هامة عن جودة التعليم بالنسبة للحكومات والمنظمات الدولية.


***


فى المنطقة العربية، اتخذت مسألة جودة التعليم مركز الصدارة فى الندوة الوزارية العربية حول جودة التعليم عام 2010 وإعلان الدوحة من أجل تعليم جيد للجميع. ونتيجة لهذه الاجتماعات، أنشأ البنك الدولى ووزراء التربية والتعليم العرب، مبادرة جديدة بعنوان البرنامج العربى لتحسين جودة التعليم «ARAIEQ». ويهدف هذا البرنامج، الذى بدأ فى عام 2012 برعاية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو»، لتحسين نوعية وواقعية الخدمات التعليمية فى المنطقة من خلال تعاون إقليمى، فضلا عن عمله كمركز أبحاث، وشبكة من الخبراء، ومورد للأدوات والمعرفة اللازمة لصناع القرار.


بالنسبة للبنك الدولى، تعتبر الاختبارات الدولية للطلاب من قبيل PISA، وTIMSS، وPIRLS مؤشرات هامة عن جودة التعليم فى الدول العربية، فعلى سبيل المثال، فى تقرير البنك الدولى لعام 2013، المعنون، «وظائف الازدهار المشترك: حان وقت العمل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أو «الوظائف فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: لمحة عامة»، تمت الإشارة إلى أن «نوعية التعليم فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «MENA» – وكما بينت الاختبارات القياسية الدولية – لا تزال أقل من المستوى المتوقع مقارنة مع نصيب الفرد من الدخل فى دول المنطقة».


يقول تقرير البنك الدولى «يجب على الدول أن تستثمر فى مجال تقييم التعليم لأن مثل هذا الاستثمار هو الأساس فى إيجاد تحسن ملموس ومستدام فى جودة التعليم». ويكمن فحوى هذا النهج فى أنه ومن أجل الوصول إلى تحسينات حقيقية فى جودة التعليم، يتوجب على الدول العربية أن تعتمد تدابير موضوعية وموحدة، وأن تعمل المدارس تحت شروط سوق تنافسية. وفى الوقت نفسه، فإن الأهداف التعليمية الأخرى مثل الوصول العادل والمساواة فى الحصول على الفرص التعليمية، تحظى بتركيز أقل بكثير فى تقرير البنك الدولى.


***


يتخذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائى «UNDP»، فى تقريره عن التنمية الإنسانية العربية «AHDR» لعام 2002، والمعنون «خلق الفرص للأجيال القادمة»، نهجا مختلفا تماما فى تأطير موضوع جودة التعليم. ويعرض التقرير التوجهات الاستراتيجية العامة لإصلاح التعليم على أساس 10 مبادئ أساسية مثل احترام كرامة الفرد، ومنح الأسبقية للإبداع، وتحسين فرص الحصول على فرص تعليمية متساوية. ويقترح بأن تعزيز نظام التعليم فى المنطقة، يتطلب القيام بإجراءات فى ثلاث مجالات هى: تعزيز القدرات البشرية، وإيجاد تآزر قوى بين التعليم والمنظومة الاجتماعية والاقتصادية، ووضع برنامج لإصلاح التعليم على المستوى القومى العربى. وفى هذا الخطاب المتمحور حول الإنسان، فإن تحسين جودة التعليم ليس الهدف الأساسى فى استراتيجية برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، وإنما أداة لتعزيز القدرات البشرية من خلال تخصيص المزيد من الموارد فى مجال التعليم والاستخدام الأكثر كفاءة للموارد. ولعل أكثر ما يميز منهج تقرير التنمية الإنسانية العربية التركيز على القومية العربية والتعاون العربى. كما يؤكد على ضرورة تضافر الجهود العربية من خلال دعوة الدول لوضع المنافسات الوطنية جانبا وبناء إطار تعاونى فى مجالات مثل تطوير المناهج الدراسية، وإنتاج الكتب المدرسية، وتدريب المعلمين.


يمكننا أن نتوسع فى هذه النظرة الإنسانية، من خلال تبنى نهج العدالة الاجتماعية فى جودة التعليم – وذلك من خلال الاعتراف بأن البلدان تختلف من حيث الدخل، ومستويات الفقر، والفرص التعليمية وفرص الحصول على التعليم، ومسارات التنمية والاقتصادات السياسية. يعتبر منهج العدالة الاجتماعية متجذرا فى فهم الحواجز والفوارق المختلفة التى تواجهها الجماعات فى المجتمع فى سبيل الحصول على تعليم عالى الجودة، فى الوقت الذى يتم فيه فتح المجال لوجهات نظر بديلة، لتبرز من خلال النقاش العام.
يؤكد نهج العدالة الاجتماعية فى جودة التعليم على الطبيعة المعقدة للتربية، والتعليم، والتعلم، ويسعى للسيطرة على هذا التعقيد من خلال الاعتماد على وجهات نظر متعددة التخصصات وخلط أساليب البحث الكمية والنوعية.


***


وبهدف تحقيق جودة التعليم، يجب علينا أن نكون أكثر شمولا فى منهجنا. فإذا ما اخترنا تعريف جودة التعليم وفقا للمخرجات التعليمية، كما يتم قياسه فى الاختبارات والتصنيفات العالمية، عندها سنكون قد اخترنا تعريفا ضيقا. المشكلة فى ذلك هى أنه قد يؤدى إلى أشكال مقيدة من تعلم السياسات والتى تقحم المداولات والتفكير فى صياغة السياسات. حيث إن تعريفا للجودة يعتمد على مخرجات التعلم، قد يحد أيضا من التفكير الإبداعى فيما يخص المشكلات والإمكانات الأساسية.


نحن بحاجة للتأكد من أن نهجنا المتعلق بجودة التعليم يجسد الطبيعة متعددة الأبعاد والمعقدة للتعليم والتعلم، وليس فى الإمكان تمثيل ذلك بشكل كافٍ، من خلال نهج ذى تأسيس محدد يعتمد على مخرجات التعلم، والاختبارات المعرفية، والتحليلات الإحصائية لا غير.

 

ينشر بالاتفاق مع مجلة الفنار للاعلام
النص الأصلي: هـــنـــا

التعليقات