عندما تتألق العواصم السياسية فى المدن التاريخية - سامح عبدالله العلايلى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما تتألق العواصم السياسية فى المدن التاريخية

نشر فى : الأحد 26 فبراير 2017 - 11:00 م | آخر تحديث : الأحد 26 فبراير 2017 - 11:00 م
أثناء زيارة الرئيس المصرى «عبدالفتاح السيسى» للبرتغال أبدى إعجابه الشديد بالقيمة الحضارية والتاريخية لمدينة «لشبونة» العاصمة السياسية للبرتغال. والحقيقة أن لشبونة ليست وحدها التى تثير الإعجاب بل أيضا جميع العواصم السياسية فى بلدان العالم؛ خاصة تلك التى لها جذور حضارة وتاريخ استقرت فى المدينة التاريخية الأم، بداية من بكين وموسكو وطوكيو ومن حولهم مرورا بعواصم بلدان شرق أوروبا وغربها وشمالها وجنوبها، حتى العواصم السياسية العربية ذات الأصول مثل دمشق وبغداد وعمان وبطبيعة الحال القاهرة التاريخية أم العواصم مرورا غربا بتونس والجزائر العاصمة والرباط.

إن «المدينة العاصمة السياسية» ذات التاريخ تُضفى بتألقها قيمه كبرى على مكانتها وسط بلدان العالم، وليس المقصود بالتاريخ البنيان العمرانى فقط وإنما أيضا الأحداث التى مرت بها، ومختلف الأنشطة التى مورست فيها والشخصيات المهمة التى عاشت بها. من هذا المنطلق فإن فكرة نقل عاصمة مصر السياسية من موقعها عند مفترق فرعى نهر النيل وعلى رأس دلتا النهر ــ ذلك الموقع الذى عاصر أحداثا لا حصر لها ولا عدد، خلفت مآثر تاريخية منقطعة النظير ورموزا حضارية استثنائية ــ لتستقر فى مكان ما وسط الصحراء هى فكرة وحجة ليس لها أى سند من المنطق ولا تعتبر من أولويات العمل، ولا يبررها حجم الإنفاق المهول والاستدانة من أجل ذلك بديون ستتحملها الأجيال القادمة. ويبدو أن هناك من يروج لفكرة أن القاهرة بوضعها الحالى لا تصلح رمزا لمصر وأنه من الأفضل بناء عاصمة جديدة أكثر عصرية تشبها بدبى التى هى بدون أى مقومات حضارية.

إن موقع القاهرة الاستثنائى الحالى استقبل منذ عشرات الآلاف من السنين جموع الإنسان البدائى التى هاجرت من مناطق شتى هربا من قسوة الطبيعة؛ حيث استقرت فى مجموعات على ضفاف النهر مارست بدايات الأنشطة الإنسانية من زراعة وغيرها، وبذلك تحولت من حياة القنص الموحشة إلى حياة المجتمع المترابط. وهنا انبثق فجر الضمير الإنسانى لأول مرة فى حياة البشر؛ هكذا وصفها عالم الحضارة البريطانى «جيمس بريستد»، ومنذ ذلك التاريخ تعاقبت الأحداث لأزمان ممتدة على القاهرة العتيقة. وإذا كانت معالم الشيخوخة والترهل قد ظهرت عليها تدريجيا فى العقود الأخيرة وانتشرت بها معالم الفوضى العارمة دون أن يهتم أحد بإصلاح الأمر فإن ذلك مسئولية من كانوا قائمين على الأمر. وعلى أولى الأمر الحاليين العمل على إيجاد الوسائل القادرة على إصلاح هذه الأوضاع المؤسفة بدلا من ترك الأمور كما هى والهروب إلى عصرية مفتعلة.

 

سامح عبدالله العلايلى عميد سابق وأستاذ بكلية التخطيط العمرانى جامعة القاهرة
التعليقات