هل أجهض مجلس الأمن الهجوم الإسرائيلى على رفح؟ - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل أجهض مجلس الأمن الهجوم الإسرائيلى على رفح؟

نشر فى : الثلاثاء 26 مارس 2024 - 7:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مارس 2024 - 7:10 م

بتأييد 14 عضوا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، اعتمد مجلس الأمن يوم الإثنين الماضى قرارا يطالب بوقف فورى لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف، والإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن. قدمت مشروع القرار الدول العشر غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، ومنها الجزائر العضو العربى الوحيد بالمجلس. وأعقب التصويت تصفيق من أعضاء المجلس الذى لم يتمكن مرات عديدة على مدى الشهور الماضية من اعتماد قرار بشأن وقف إطلاق النار فى غزة.

فى إطار مطالبته بالإفراج عن جميع الرهائن، طالب القرار بكفالة وصول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الطبية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية، وبامتثال الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولى فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين تحتجزهم. ويشدد القرار على الحاجة الملحة لتوسيع نطاق تدفق المساعدة الإنسانية للمدنيين فى قطاع غزة بأكمله وتعزيز حمايتهم. ويكرر تأكيد مطالبته برفع جميع الحواجز التى تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع.
***
هل يوقف هذا القرار الهجوم الإسرائيلى المحتمل على رفح؟
فى الإجابة على هذا السؤال المفصلى نقول إنه رغم أن قرارات مجلس الأمن تعتبر قانونا دوليا وتحمل ثقلا سياسيا وقانونيا كبيرا، إلا أن المجلس لا يملك الوسائل اللازمة لإنفاذها، فقط يمكنه أن يتخذ إجراءات عقابية مثل فرض عقوبات على المخالفين، لكن حتى ذلك قد يواجه عقبات إذا عارض أحد الأعضاء الذين يملكون حق النقض (الفيتو) هذا الإجراء. وتنتهك إسرائيل حاليا قرارا صدر عام 2016 يطالبها بوقف توسيع المستوطنات فى الضفة الغربية.
المقلق فى نص قرار مجلس الأمن الأخير بشأن غزة أنه يشير إلى أن وقف إطلاق النار سيستمر لمدة أسبوعين فقط، أى أنه يستمر إلى نهاية شهر رمضان المبارك، ويقلل من قوته أنه ينص أيضا على أن وقف القتال «يجب» أن يؤدى إلى «وقف دائم ومستدام لإطلاق النار».. وهى صياغة فضفاضة.. وهو ما قد يمنح إسرائيل فرصة للمناورة بالقانون إذا اتخذت قرارا حاسما بالمضى فى تنفيذ تهديدها باجتياح رفح المكتظة بالنازحين الفلسطينيين.
***
سؤال آخر: هل التأثير السياسى لهذا القرار أمضى من تأثيره القانونى؟
الحق أن مفاعيل هذا القرار الصادر من مجلس الأمن سياسيا تصب فى خانة فرض المزيد من العزلة الدولية على إسرائيل ورئيس وزارئها المتطرف بنيامين نتنياهو؛ ذلك أن سماح الولايات المتحدة بتمرير هذا القرار يعد إحدى الطرق الناعمة نسبيًا للإشارة إلى أنها لا يمكن أن تتحدى المجتمع الدولى بإعطاء الحكومة الإسرائيلية المتطرفة غطاء سياسيا لارتكاب مجزرة ضخمة فى جنوب قطاع غزة المنكوب، فكان عدم عرقلة هذا القرار بمثابة تلميح غير مشفر لنتنياهو لكبح جماح العمليات العسكرية الإسرائيلية خصوصا فى رفح.
إننى لست ممن يعولون كثيرا على شرخ فى العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، لكننى أدرك أنه مهما كانت دعم ومساندة إسرائيل مسألة شديدة الأهمية بالنسبة للأمن القومى الأمريكى، فإن لذلك حدودا هى عدم تعارض ذلك الدعم مع المصالح الأمريكية العليا، أو المصالح المباشرة لأى إدارة أمريكية، وفى سياق الحرب الدائرة فى قطاع غزة واصطفاف العالم فى مواجهة إسرائيل، لم يعد فى مقدور إدارة بايدن التى ستدخل مختبر الانتخابات الرئاسية قبل نهاية هذا العام، أن تتجاهل حالة السخط داخل قطاعات كبيرة من الرأى العام الأمريكى جراء انتشار صور الأطفال الجائعين والمذابح والدمار الهائل للبنية التحتية المدنية فى غزة.. خصوصا أن هذه الأوساط المنددة بالحرب وبالجرائم التى ترتكب فى حق الشعب الفلسطينى يمكن أن تترجم غضبها إلى أرقام معتبرة فى صناديق الانتخابات.
***
هل سيؤثر هذا القرار على زيادة دخول المساعدات إلى القطاع؟
لا أظن أن قرار مجلس الأمن الأخير بما يفتقده من آليات وتوقيتات لتنفيذه سوف يجبر إسرائيل على التفريط فى الورقة الأهم بالنسبة لها وهى التحكم فى المساعدات التى تدخل إلى غزة، فى إطار مساعيها للضغط على حماس للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لديها؛ ذلك أن مسألة التوسع فى السماح بإدخال المساعدات مرهونة حصريا بالمفاوضات التى تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة لإنجاز عملية تبادل للأسرى.
فى الختام يبقى أن نقول: إن صدور قرار مجلس الأمن المطالب بوقف إطلاق النار وامتناع الولايات المتحدة عن استخدام «الفيتو» ضده هو تطور مهم، يزيد من عزلة إسرائيل، وعلى الأرجح سيغل يدها فى الاندفاع لتنفيذ عملية عسكرية فى رفح، لكنه لن يوقف القتال بوتيرته الحالية، ولن يزيد كثيرا من حجم دخول المساعدات إلى قطاع غزة، لأن ذلك مرهون صعودا وهبوطا بالتقدم على مسار مفاوضات تبادل الأسرى.

التعليقات