لم نكتشف فجأة أننا متفرجون نحن معاشر العرب، لكن الذى تجدد أننا صرنا ننقسم ونحن متفرجون.. لمن نصرخ ونشجع وعلى من نطلق صافرات الاستهجان ! أرضنا هى ملعب المباراة وأموالنا هى التى ابتاعت للاعبين الثياب ونشرت حول الملعب الإعلانات.. ونحن فى النهاية كأس بطولة زائفة سيخفضه ولا أقول يرفعه فريق من هؤلاء بضع سنين قبل أن يقامر عليه مجددا.
أرضنا فى سوريا هى الملعب، وكذا اليمن وليبيا والعراق.. واللاعبون كثر، تتقاطع مصالحهم تارة وتتنافر تارة، ونحن ندفع الفاتورة فى الحالتين.. لا موسكو تعبأ بنا ولا الأمريكيين بحريصين علينا، لكى نشجع هذا الفريق أو نهلل للآخر.
حرب عالمية ثالثة قد تنشب فى أيام، سنكون نحن وقودها هذه المرة بدلا من أوروبا، والعرب على مواقع التواصل الاجتماعى يكيلون السباب لبعضهم البعض ويتبادلون الاتهام على واقعة ٍلم يكن لهم منها إلا نصيب المشاهدة.
ليس صحيحا ما يركن إليه البعض من استحالة نشوب حرب عالمية لفرضية استخدام سلاح نووى يهلك البشرية بأسرها، قد تنشب الحرب العالمية بالوكالة، وتحرق فيها أرض الحلفاء أو الضعفاء دون أن تقترب القوى الكبرى من الخط الأحمر النووى.
ليس جديدا أن العرب غير متفقين على قضية سوريا، لكن الجديد من يظن أن روسيا أقرب إليه من بعض جيرانه، والغريب من يعتقد أن تركيا لا تهدف بتواجدها فى المعادلة تحقيق مصلحة شعبها وربما تقوية نفوذ العثمانيين الجدد أكثر وأكثر.
لا يستوى الموقفان طبعا، وحتى لو كان فى هذا لبس، فالمفروض أن يكون موقف البلدين من إسقاط الطائرة الروسية أوضح.. طائرة روسية معتدية على الشعب السورى أصلا، ثم هى فوق ذلك تخترق المجال الجوى التركى بصلف غير مسبوق.
أى حسابات سطحية وأى عقول مريضة وأى وجهات نظر قاصرة هذه التى تهلل لبوتين وتدعوه للانتقام؟ ما دخل حنقكم على الإخوان أو كرهكم لأردوغان بأمر كهذا؟ أية صبيانية ملأت عقولكم ــ إن كان ثم ــ وأقنعتكم بالتصفيق ضد تركيا فى موقف كهذا؟
وطالما أننا كلنا فى مقاعد المتفرجين، فعلى الأقل لنصفق حسب قواعد اللعبة.. أم أنه يصعب عليكم أن تروا من تعادون يتفوق حسب قواعد اللعبة؟ احترموا عقولكم وعقول الآخرين.. روسيا تحتل سوريا لمصلحة نظام فاشل منته، تترك داعش التى يُخوف بها العالم وتقتل المقاومة الشعبية.. أو بالأحرى تقتل بقية الشعب السورى غير المتحيز لبشار. انتهكت سيادة دولة قوية لها فى منطقة امتدادها مصالح.. فماذا كان ينبغى عليها أن تصنع ؟