سيف البحر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 5:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيف البحر

نشر فى : السبت 27 مارس 2010 - 9:28 ص | آخر تحديث : السبت 27 مارس 2010 - 9:28 ص

 «صيف 840» مسرحية استعراضية، غنائية، تدور وقائعها فى شهر يونيو 840، ولكنها، جوهريا، تتحدث عن الحاضر. كتبها منصور رحبانى، عقب رحيل شقيقه عاصى 1986، مؤكدا أن شجرة الفن الرحبانية مستمرة، نضرة، مرهفة، تجلت بعنفوانها فى الجيل التالى: مروان، عدى، إلياس، زياد، وأسامة الرحبانى، الذين أعادو تقديم «صيف 840» المرة تلو المرة، داخل لبنان وخارجها.. وها هى تعرض من جديد، الآن، على جمهور واسع، متذوق ومتأنق، يستقبلها بحماس، على مسرح كازينو لبنان، جيد التجهيز، فى بيروت.

منصور، كتب نصا غنائيا استعراضيا أكثر من كونه أدبيا، فإرشاداته المتعلقة بحركة المجاميع وأداء الممثلين ونوعية الإضاءة ودرجاتها وتكوين الديكورات وتفاصيل الملابس والإكسسوارات والطابع الخاص بالموسيقى، تؤكد أن خيال منصور الثرى جعله يحدد، بدقة وعمق، شكل العرض المسرحى، الذى جاء فعلا، مطابقا لتوجيهاته.

اختار منصور الرحبانى، بذكاء، لحظة نموذجية فى التاريخ، مفعمة بصراع الإرادات، سواء على المستوى العالمى أو العربى أو اللبنانى، وركز على تكتل القوى الاستعمارية، بقيادة فرنسا وإنجلترا، كى يتعاونا للقضاء على دولة محمد على المتوسعة وتحجيم قوة جيش إبراهيم باشا الذى يدق أبواب اسطنبول، وتعمد الرحبانى ألا يكتفى بالنظر إلى تلك الفترة المضطربة من وجهة نظر لبنانية وحسب، بل من موقع «العامية» أو العوام أو الشعب.. المشهد الافتتاحى يضم ممثلى الطوائف اللبنانية.

يعلنون الثورة على حكم إبراهيم باشا الذى فرض الضرائب، حتى على من يموت، وتتجاوز المسرحية ثنائية الثورة والسلطة لتتبين العديد من الدروس التى تفيد الحاضر، فثمة شرائح تراهن على قوى الخارج، وتستقوى بها، عن جهل أو مصلحة، وحتما تخسر رهانها. وهناك سلطة إبراهيم باشا، من لبنانيين، أصبحوا من جلادى الشعب، ولا يفوت الكاتب أن يشير، بنوع غير جارح من الكوميديا، إلى التاجر الذى «مع الجميع وضد الجميع على الطريقة اللبنانية» ــ طبقا لتعبير منصور ــ ويتدفق العرض، بأغانيه واستعراضاته، ليظهر من قلب العامة صاحب الاسم الآسر «سيف البحر» ــ بأداء قوى من غسان صليبا ــ الثائر، الذى يعبر عن روح الجموح «احنا شعب صغير.. بنحب الحرية»، وسريعا يمتزج الصراع العام بالصراع الخاص.

«سيف البحر»، الثائر، يخفق قلبه بحب «ميرا»، ابنة اليوزباشى عساف الضاهر، التى تقوم بدورها الرقيقة «هبة طوبجى»، والتى تكاد تتمزق بين الواجب والعاطفة، فهى تنتمى لوالدها المرتبط بالسلطة، بينما عقلها وقلبها مع «سيف البحر» وما يجسده من قيم وأمانى، وتهرب لتلتقى به، مما يزيد من نقمة بطانة القصر.. وتتقاطع المصائر.

جيش إبراهيم باشا يخرج من لبنان، لكن وعود الدول الكبرى لا تتحقق، فها هم العثمانلية، بوحشيتهم، يعودون لحكم البلاد، ويلقى «سيف البحر» مصرعه، وبرغم هزيمة الثورة، فإن «الشعب السجين»، حسب استعراض النهاية، سينتصر، وينهى حزنه، إذا توحّد، وتفهّم الدرس.. «صيف 840» عرض مبهج، برغم نزعته التراجيدية.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات