أهلا بك فى لبنان - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أهلا بك فى لبنان

نشر فى : الجمعة 27 مايو 2016 - 10:10 م | آخر تحديث : الجمعة 27 مايو 2016 - 10:10 م
لكنا فى الهم شرق، هذا ما يمكن أن يتبادر لذهنك حين تذهب إلى بيروت، المدينة المتأنقة عادة، بإعلاناتها الضخمة الصاخبة، على جانبى شوارعها محلاتها الفاخرة، بمعروضاتها ذات الذوق الرفيع، أهلها، بابتساماتهم التى لا تفارق شفاههم. لكن، هذه المرة، تدرك أن الأمور ليست على ما يرام، فخلف البهجة يكمن الكدر. السبب، موسم السياحة المضروب، عرب الخليج لم يحضروا، السعودية أوقفت عطاياها، سوق العمل تقلص أمام اللبنانيين، خاصة بعد دخول الإخوة السوريين، بأعداد ضخمة، يقبلون العمل بأقل القليل.

على المقهى، حذرنى أصدقائى من التورط فى مشاهدة هذا الفيلم «التجارى»، لكن لأنى لست ضد الأفلام التجارية، وأرى أنها من أسباب بقاء صناعة السينما على قيد الحياة، فضلا عن أن مهنة الناقد ومهمته، متابعة الأعمال الفنية، جيدها ورديئها، لبيان عوامل تميزها أوتهافتها، ثم ثمة واجد يتعلق بضرورة الاطلاع على سينما الجيران، الأقارب. لهذا، ذهبت لدار العرض، الخالية من الجمهور، فيما عداى، وعدد لا يتجاوز أصابع الكف الواحدة.

كما «الأفيش»، توالت العناوين مع أسماء العاملين مكتوبة باللغة الإنجليزية، علما بأن لا شركة الإنتاج، ولا صناع الفيلم، من الخواجات.. كلهم، عرب، أولاد عرب.

يبدأ الفيلم بداية موفقة: أسرة مكونة من أب وأم وابنة، تعود بعد سنوات، لزيارة أرض الوطن، أى أننا سنرى لبنان، خلال عيون مغتربين، الأقدر على تلمس وإدراك المفارقات. مع المشاهد الأولى، يتخذ «أهلا بك..» طابعا كوميديا، يعتمد على المواقف، فضلا عن ممثل متمكن، وسام صباغ، بأداء سلس، يبين دقائق الشخصية، على نحو ينتمى لطريقة دريد لحام، حيث يجسد شخصية سائق التاكسى، المصاحب للأسرة.

ما أن تخرج الأسرة الوافدة من باب المطار حتى يتجمع حولها سائقو عربات الأجرة، ينتظرون بلهفة، أى زبون.. المخرج السورى، سيف شيخ نجيب، يوفق تماما فى تحقيق هذا المشهد، شأنه شأن تمكنه من تحريك المجاميع، خاصة حين يرصد بحيوية، مظاهرة شباب ضد السلطات، حيث تكاد الشرطة تقبض على السائق، المرتعد خوفا.

ينتقل الفيلم مع أبطالة، مع مكان لمكان، مبرزا الطبيعة الخلابة للبنان، بجبالها الخضراء، آفاقها الواسعة، رقصاتها الشعبية، ناسها الطيبين، المتكاتفين، برغم حضور «رامى عياش»، المفتون بالأسلحة النارية.. ميزة العمل أنه لم يقع فى قبضة التوجه السياحى، ذلك أن الكوميديا جعلته ينتقد الكثير من الفوضى فى الشوارع اللبنانية، بالإضافة لنزعة المبالغة والمغالاة التى يتسم بها بعض المسئولين. رئيس مجلس قروى، يلقى خطبة حماسية فى استقبال العائد، لا يفوته الإشارة إلى تلك الحضارة التليدة للمكان، متمثلة فى زلعة ضخمة، تتوسط الساحة، عمرها عدة قرون. الطريف الزلعة تتهشم، بينما السائق بالقرب منها. يضطر، وهو المذعور، إلى إحضار زلعة صغيرة، يضعها مكان المهشمة.

كاتبا السيناريو، محمد السعودى مع بطل الفيلم، وسام صباغ، يضيفان عنصرين تشويقيين، لعملهما، أولهما منزويا، باهتا، قرب النهاية، يتعلق بمحاولة غريم رب الأسرة، فى أمريكا، التخلص من الأب، عن طريق تكليف ثلاثة من أباطرة الإجرام فى لبنان، بتصفية الرجل. الثلاثة هم «البطريق الروسى»، «الكيماوى التركى»، «الصقر الكورى الشمالى». تفشل المحاولات بفضل عشوائية سائق التاكسى.

ثانيهما، يتمثل فى ابنة الوافد، الشابة الجميلة، صارخة الأنوثة، بأداء شيرين أو بالعز، شبيهة هيفاء وهبى، التى تضفى شيئا من الحيوية على الفيلم. يخفق قلب السائق بحبها، لا تكترب به، لكن احتراما للتقاليد التلفيقية فى الأفلام التجارية، تعود الفاتنة بعد سفرها، لتقترب بالرجل الطيب.. «مرحبا بك فى لبنان»، عمل خفيف متواضع، يشاهد من دون ألم.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات