رؤية واقتراح لمجلس النواب الجديد - محمود فهمي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رؤية واقتراح لمجلس النواب الجديد

نشر فى : الجمعة 27 نوفمبر 2015 - 11:00 م | آخر تحديث : الجمعة 27 نوفمبر 2015 - 11:00 م
على مدى التاريخ تميز المصريون بمبادراتهم الثورية غير المسبوقة فبرز فى مختلف العصور عدد كبير من المصريين الثوار الأطهار الذين وضعوا حياتهم على أكفهم فى عالمنا المعاصر الهادر بالثورة ــ والذى له فرسانه، وكان فرسان هذا العصر هم شباب مصر، لتتبوأ قاماتهم الوطنية والفكرية ذرى القمة للثورات المصرية بل والعالمية، فقد قاموا بثورتين غير مسبوقتين، أولاهما فى 25 يناير 2011، وثانيتهما فى 30 يونيو 2013، وأطاحوا بنظامين متجذرين فى الحياة السياسية المصرية، تطلعا إلى بناء مصر المدنية الحديثة على أساس راسخ متين من مبادئ الدستور وسيادة القانون.

من هذا المنطلق واستهداء به، وفى ضوء قرب الانتهاء من إجراءات انتخاب مجلس النواب الجديد، واستكمال تشكيل هذا المجلس لكى يضطلع بمهمتيه الأساسيتين، وهما التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية طبقا لأحكام الدستور، فقد رأيت أنه قد يكون من الملائم بل من اللازم اقتراح إعادة النظر فى القوانين، والتشريعات الاقتصادية المختلفة لتتواكب مع مستجدات الأحداث الحالية نزولاً على قرب تشكيل مجلس النواب الجديد، الذى نرجو أن يكون تعبيرا صادقا لتحقيق أهداف الثورتين، اللتين اضطلع بهما المصريون.

ولذلك وفى ضوء ما تقدم فإننى أعرض ــ فى عجالة وإجمال ــ تحديدا أو حصرا لأهم التشريعات والقوانين الاقتصادية والاستثمارية وغيرها المقترح استحداثها، أو تعديل القائم منها، وذلك وفقا لما يلى:

أولاً ــ إعداد وإصدار قانون جديد متكامل للاستثمار:

وذلك بعد استطلاع رأى جميع الجهات المختصة والمعنية بوجوب توفير بيئة جاذبة للاستثمار من الناحية التشريعية والأمنية، والضريبية وغيرها، وهو ما يقتضى ــ فى رأيى ــ إلغاء القانون الاخير رقم (17)لسنة 2015، والذى تضمن تعديل بعض أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الحالى رقم 8 لسنة 1997، وتعديل بعض أحكام قانون الشركات المساهمة رقم 159 لسنة 1981، وتعديل بعض أحكام الضريبة العامة على المبيعات، وتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، وذلك بالمخالفة للقاعدة العامة المتبعة فى تعديل القوانين، حيث تقضى هذه القاعدة بأن كل تعديل لأى قانون يجب أن يصدر به قانون مستقل خاص بتعديل ذلك القانون بمفرده، لا أن تجمع تعديلات أربعة قوانين فى قانون واحد بالتعديل مثلما فعل القانون رقم 17 لسنة 2015.

هذا فضلاً عن أن هذا القانون رقم 17 لسنة 2015 قد تضمن استبدال عدد (14)مادة من قانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 بمواد جديدة، وإضافة عدد (11)مادة جديدة لقانون الاستثمار أى بمجموع 25 مادة، كما أضاف ثلاثة أبواب جديدة:

الباب الخامس ــ التصرف فى الاراضى والعقارات ــ المواد من (71)إلى (83)(13 مادة)، والباب السادس ــ الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والمركز القومى لتنمية وترويج الاستثمار ــ المواد من (84)إلى (100)(17 مادة)، والباب السابع ــ تسوية منازعات الاستثمار ــ المواد من (101)إلى (109) (9 مواد)، أى بمجموع (39) مادة جديدة، بالاضافة إلى الـ (25)مادة السالف ذكرها فيكون المجموع الكلى (64 مادة جديدة)، وهو ما يقرب من أن يكون قانونا جديدا للاستثمار.

ولذلك فمن رأيى إعداد مشروع قانون جديد متكامل للاستثمار يتضمن تنظيما متكاملا للنشاط الاستثمارى فى مصر، ويتفادى الصعوبات العملية والبيروقراطية التى تعوق الاستثمار حسبما أسفر عنه التطبيق العملى لقانون الاستثمار الحالى رقم 8 لسنة 1997 ليكون هذا المشروع الجديد جاهزا ومعدا للعرض من جانب الحكومة أو من جانب مجلس النواب بعد انتخابه وفور انعقاده.

ثانيا ــ إصدار قانون جديد متكامل لجذب وتنظيم الاستثمار فى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، أو ما هو معروف إعلاميا بمحور تنمية قناة السويس، إذ فى رأيى لا يكفى القانون رقم 330 لسنة 2015 المنشور فى الجريدة الرسمية فى 10 أغسطس سنة 2015 بإنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس واعتبارها منطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة وفقا لأحكام القانون رقم 83 لسنة 2002 الخاص بالمناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، وذلك لما لمنطقة محور قناة السويس من أهمية اقتصادية واستثمارية خاصة لمصر وللاقتصاد العالمى، وقد يتجه الرأى إلى اعتبارها محافظة مستقلة عن محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وهو ما يقتضى إجراء دراسة عميقة متأنية من النواحى الاستثمارية والاقتصادية والادارية والأمنية.

ثالثا: دراسة التشريعات الحاكمة لشبه جزيرة سيناء باعتبارها مشروعا قوميا ذا أهمية أولى، ومرتبطا بتنمية محور قناة السويس:

3/1ــ وذلك بمراجعة جميع القوانين والقرارات الاقتصادية والضريبية والجمركية والاستثمارية وإنشاء الشركات وتداول الأوراق المالية وتحديد الحد الادنى والأعلى للأجور، والمتعلقة بالأنشطة الاستثمارية والاقتصادية والعمل، فى شبه جزيرة سيناء، وذلك لاقتراح ما يحتاج إلى إستصدار قوانين جديدة أو تعديل للقائم منها وإزالة التعارض بينها، وذلك بغية تنشيط الاستثمار وإنشاء الشركات والتعمير والتوطين فى هذا الجزء العزيز من أرض الوطن تمهيدا للعمل على إيجاد كثافة سكانية مناسبة ترد وتكون عائقا وحائط صد ضد الطامعين فى سيناء على مختلف مشاربهم وأهدافهم وانتماءاتهم، وذلك أخذا فى الاعتبار لما يجرى أخيرا من أحداث تستهدف سيناء واستقرارها وتنميتها وانتقاص السيادة المصرية عليها.

3/2ــ واستصحابا واستكمالاً للمراجعة السالف ذكرها فأقترح أن تجرى دراسة مكثفة وعميقة ومحيطة بجميع جوانب المشكلة وذلك ــ بالتعاون مع الجهات الأخرى المختصة ــ لا سيما القوات المسلحة ــ لما تتمتع به سيناء من وضع استراتيجى خاص متميز باعتبارها البوابة الشرقية لمصر، وذلك للوصول إلى آلية وحلول مناسبة لتوطين المواطنين فى سيناء ــ سواء المواطنون الأصليون أو النازحون اليها ــ وذلك عن طريق تيسير التملك وتسجيل الملكيات وتقنين وضع اليد وغير ذلك من وسائل وإجراءات التشجيع على التوطن والاستقرار.

3/3 ــ ومن المنطلق السابق اقترح أن تكون أولوية العمالة فى المشروعات الجديدة وكذلك فى توسعات المشروعات الحالية لأبناء سيناء ما دامت تتوافر فيهم الكفاءة والرغبة فى العمل، وتحقيقا لذلك أقترح عمل دورات تدريبية مجانية لتأهيلهم واكتسابهم المهارات والتخصصات اللازمة والمطلوبة.

***
رابعا: يرتبط بما تقدم بصفة خاصة، وبالاقتصاد القومى بصفة عامة، وجوب مراجعة وتعديل التشريعات المتعلقة بالجهاز المصرفى لا سيما قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 88 لسنة 2003، وذلك لإحكام وانضباط رقابة البنك المركزى على وحدات الجهاز المصرفى تحقيقا لتنفيذ مبادئ وقواعد الحوكمة وتفاديا لتعارض المصالح وتضاربها، ولتقوية وتأكيد سلطات البنك المركزى فى إدماج البنوك المتعثرة بعد أن يثبت عدم استجابتها لما يطلبه البنك المركزى من إجراءات وتدابير لإقالتها من عثرتها، وذلك تفاديا للمنازعات القضائية، التى تنشب فى حالات الاندماج الإجبارى الجزائى للبنوك المتعثرة.

خامسا: العمل على سرعة إصدار قانون الشركات الموحد، حيث أن الشركات فى مصر تحكمها ثلاثة قوانين رئيسية وثلاثة قوانين فرعية، ومع استمرار خضوع شركات الأشخاص (التضامن والتوصية البسيطة)لأحكام الأمر العالى (ديكريتو الخديو توفيق) الصادر فى 13 نوفمبر سنة 1883، هذا بينما ما زال مشروع قانون الشركات الموحد حبيس الأدراج لمدة تربو على الخمس عشرة سنة رغم ما بذل فى إعداده ومراجعته من جهد من جميع الجهات المختصة فى الدولة.

سادسا: إصدار قانون جديد مستقل لتنظيم الإفلاس، وذلك لتيسير إجراءات الإفلاس والخروج من السوق بأقل الإضرار الممكنة، وباعتبار ذلك عنصرا أساسيا لجذب الاستثمارات والعمل على تشجيعها، إذ كما يسعى المستثمر إلى الدخول الآمن الميسر إلى السوق فإنه يهمه بنفس الدرجة الخروج الميسر الآمن من السوق.

سابعا: إعداد دراسة ومناقشة آثار تطبيق قانون الضرائب على العقارات المبنية رقم 196 لسنة 2008 من ناحية مدى تأثيره على النشاط الاقتصادى والاستثمارى فى مصر، وذلك نظرا لما يتردد فى الصحف من حين لآخر عن عزم الحكومة على تفعيل ذلك القانون ثم ترددها فى ذلك.
ثامنا: إعادة النظر فى نظام المحاكم الاقتصادية بدرجاتها المختلفة بغية تيسير إجراءات التقاضى أمامها، والإسراع فى استصدار الأحكام، وتنفيذها، وذلك استقرارا للمراكز القانونية الاقتصادية، وباعتبار أن ذلك ــ أى حسم المنازعات والخروج من السوق ــ هو إحدى الدعائم أو الركائز المهمة التى ينظر إليها ويضعها فى تقديره المستثمر سواء كان مصريا أو عربيا، أو أجنبيا، وحتى تستعيد مصر قصب السبق والريادة فى هذا المجال.

***
تاسعا: إعداد دراسة مكثفة وعميقة لمدى استفادة الحكومة والجهات العامة من إدراج شرط التحكيم فى العقود الإدارية التى تبرمها الحكومة أو هذه الجهات مع المستثمرين سواء المصريين أو العرب أو الأجانب، وذلك نظرا لما لوحظ أخيرا من خسران الحكومة وتلك الجهات لبعض القضايا التحكيمية التى ترفع فى الخارج، أو فى الداخل من جراء اختلاف وتشتت وجهات النظر لدى هيئات التحكيم المختلفة حول الأحكام العامة الحاكمة للعقود الإدارية دون الأخذ فى الاعتبار ما تتمتع به الحكومة والجهات العامة من سلطات استثنائية أثناء انعقاد العقد وتنفيذه وفى إنهائه مما لا يوجد فى القواعد الحاكمة للعقود العادية التى تخضع للقانون المدنى أو التجارى.

عاشرا: إصدار قانون عام جديد متكامل بالضوابط والشروط العامة للتصالح مع رجال الأعمال وغيرهم بغية استرداد الأموال التى حصلوا عليها بدون وجه حق، وتشجيعهم على إعادة الاستثمار فى مصر، وذلك بدلا من التعديلات التى أدخلت أخيرا على قانون الكسب غير المشروع فى هذا الخصوص.

حادى عشر: إعادة النظر فى قانون الصكوك رقم 10 لسنة 2013 لما إعتوره من عيوب عدم الدستورية تمثلت فى إنشاء هيئة مركزية شرعية تنازع هيئة كبار العلماء فى اختصاصها المقرر حاليا، فضلاً عن جعل قراراتها وفتاويها نهائية وملزمة لجميع الجهات المشاركة فى إصدار الصكوك ومن بينها الحكومة فكأنها صارت سلطة فوق الحكومة، كما يجيز القانون فصل أحد أعضاء الهيئة بقرار من خمسة من أعضائها رغم كونه معينا أصلاً بقرار من رئيس مجلس الوزراء، هذا فضلا عن العيوب الأخرى المتعلقة بعدم انضباط الصياغة، وتعارض القانون مع القوانين الأخرى التى تحكم ذات الموضوع، هذا بالإضافة إلى انه لم يكن ثمة داع لإصدار ذلك القانون أصلا اذ يغنى عن الصكوك الأسهم إذ كان الغرض من التمويل المشاركة فى ملكية المشروع، أو السندات إذا كان الغرض من التمويل الاقتراض، وكلاهما منظمان بالقوانين القائمة حاليا.

ثانى عشر: الانتهاء من دراسة ومراجعة مشروع قانون العمل الجديد السابق اعداده بواسطة وزارة القوى العاملة حيث أبديت بشأنه الكثير من الملاحظات من جانب نقابات العمال، واتحاد الصناعات، واتحاد الغرف التجارية وغرفة تنشيط السياحة، وجمعيات رجال الأعمال ــ وغيرها من الجهات المعنية بتنظيم العمالة فى القطاع الخاص.

ثالث عشر: وأخيرا وليس آخر من الملائم مراجعة التشريعات والقرارات الحاكمة للاستثمار، وسوق المال، والرقابة المالية، والبورصة، والضرائب، وضريبة المبيعات، والاستيراد، والتصدير، والجمارك، وحرية المنافسة، ومنع الاحتكار، والإغراق، والأجور، والشركات.

***
هذا ولا يفوتنى بهذه المناسبة أن اذكر بملاءمة الاستعانة بالأبحاث والدراسات القيمة السابق إعدادها لدى المجالس القومية المتخصصة حيث يمكن ان تكون معينا مفيدا لإلقاء مزيدا من الضوء على ما يحتاج من القوانين، والتشريعات المتقدم ذكرها من تعديل أو إلغاء أو استبدال.

تلك مقترحات مقتضبة وسريعة أردت أن أضعها تحت نظر الحكومة ومجلس النواب الجديد، والسادة ويمكن أن يضاف اليها ما يستلزمه ما يستجد من الأحداث والتطورات على الساحة الاقتصادية والاستثمارية، لا سيما بعد انتخاب مجلس النواب طبقا لأحكام الدستور الجديد، وما يقتضيه ذلك بحكم اللزوم الدستورى والقانونى من تشكيل لحكومة جديدة، أو استمرار الحكومة الحالية إذا حازت ثقة وموافقة مجلس النواب، حسبما أعلن أخيرا.

هذا اجتهاد منى فى الموضوع المطروح ومن اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد، وحسبى أن أكون من أصحاب الأجر الواحد.
التعليقات