الإسلام كما أدين به - 17- الإنسان- د- الإنسان وحب الرسول - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به - 17- الإنسان- د- الإنسان وحب الرسول

نشر فى : الخميس 28 أبريل 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الخميس 28 أبريل 2016 - 9:50 م
ــ1ــ

حب الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مجرد حالة قلبية تميل ناحية الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مجرد ترديد لفظ الصلاة والسلام عليه حين يذكر اسمه، فذلك أقل مظهر من مظاهر الحب. أما الحب الصحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الشعور الدائم بتلمذتنا على تعاليمه، والتحرى المتواصل لإنجاز ما بعثه الله من أجله، والتمسك الشديد بأخلاقه الشريفة وعدم المحيد عنها. إن حب المسلم للرسول صلى الله عليه وسلم يفرض علينا معرفة ما يرضى الله فنفعله، وما ينفع الناس فنبذل غاية الجهد فى إنجازه، كما نعرف جيدا كل ما يساهم فى إعمار الأرض وتأمين وتعظيم مواردها فنفعله مهما كلفنا، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إِنْ قَامَتْ السَاعَةُ وَفى ِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَى يَغْرِسَهَا؛ فَلْيَغْرِسْها».. دون سبب ودون احتياج ودون تحسب لأهميتها، فالمهم دوام الإعمار والزرع والإثمار والاستثمار.

ــ2ــ

حب الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا يفرض علينا فريضة كدنا ننساها. هذه الفريضة هى الحرص على وجودنا فى الدنيا معمرين بغير تخريب، ومنتجين أكثر مما نستهلك، ونعطى أكثر مما نأخذ وقبل أن نأخذ. لابد وأن يتبين غير المسلم الفرق بينه وبين المسلم المحب للرسول صلى الله عليه وسلم. أما العجز والكسل والتيه والقعود وعدم الإحساس بالمسئولية أو الربط بين الإعمار والمصالح الخاصة، فالرسول صلى الله عليه وسلم ينتظر من محبه أن يكون بريئا من كل تلك الأمراض النفسية.

ــ3ــ

وحيث جعل الله «الأسوة» فى محمد صلى الله عليه وسلم، فإن المحبين لمحمد لابد لهم من «التأسى» أى المحاكاة الكاملة –قدر الطاقةــ لجميع سلوكياته صلى الله عليه وسلم. فإن السلوك الشخصى للمسلم هو «الأسلوب الأقوم» للدعوة ولتعريف الآخرين بالإسلام والقرآن ومحمد. فلابد لمن يحب رسول الله أن يبقى دائما نموذجا صحيحا لضوابط وسلوك الإسلام، حتى يتجه الآخرون للتفكير فى الإسلام والبحث فى القرآن الكريم وفى صحيح السنة النبوية.

ــ4ــ

ونذكر أنفسنا جميعا أن ما جاء فى بعض الأحاديث النبوية يصف ملابس الرسول صلى الله عليه وسلم وأصناف طعامه وشرابه وأثاث بيته وسائر أخبار العادات، فإنها ليست من «نطاق الأسوة» لأنها عادات محكومة بموارد البيئة، وغاية الأسوة والسنة النبوية فى شئون العادات هو أن يلتزم المسلم بالحلال والطيب والنظيف ولا يفارق عادات بيئته متوهما أن فى اتباعها أسوة نبوية، فالصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلب ممن قابله أن يغير العادات السليمة التى تعودها قبل إسلامه.

ــ5ــ

ويبدو حب المسلم للرسول صلى الله عليه وسلم فى الحرص على أن يعيش مسالما يتجنب العنف إلا أن يضطر لمواجهة العنف، والحرص على «الإعمار والإثمار» إلى آخر لحظة يقدر عليها، والحرص على «الإصلاح» خصوصا إصلاح العلاقات مع الأهل والجيران وأبناء الحى وزملاء العمل وغير المسلمين، وهكذا فإن الضوابط العليا للسنة النبوية هى: السلام والإعمار والإصصلاح ودوام التراحم والمودة مع كل من نتعامل معهم.

ــ6ــ

إن بساطة المعيشة وعدم الإسراف كان شعارا دائما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمع إليه حينما يقول: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنا فِى سِرْبِهِ، مُعَافى فِى جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَمَا حِيزَتْ لَهُ الدُنْيَا»، و«لَيْسَ الْمُسْلِمُ مَنْ شَبِعَ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ»...هذه هى السنة النبوية وتلك هى الأسوة الحسنة لمن شاء أن يستقيم.

يتبع
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات