يحيى الجمل.. حلوانى العهد الجديد - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 6:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يحيى الجمل.. حلوانى العهد الجديد

نشر فى : الثلاثاء 28 يونيو 2011 - 8:14 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 28 يونيو 2011 - 8:14 ص

 منذ أن ورث الدكتور عصام شرف نائبه الدكتور يحيى الجمل عن آخر حكومة عينها الرئيس المخلوع برئاسة أحمد شفيق، ونحن نعيش شيئا أقرب للكوميديا فى خطاب الحكومة المصرية، ذلك أن استمرار الجمل نائبا لرئيسى حكومتين متعارضتين، إحداهما حكومة مبارك ونظامه، والأخرى حكومة ثورة، جعلنا نعيش كل فصول العام فى يوم واحد وربما فى ساعة واحدة.

فإلى جانب ما يتمتع به الدكتور الجمل من فكاهة وقدرات خارقة على الدعابة، فإنه يتمتع أيضا بخفة ورشاقة غزال، بما يتيح له القفز من الموقف إلى نقيضه، ومن الحالة إلى عكسها، غير أن الثابت الوحيد فى كل ذلك تلك النظرة «الحلوانية» التى يرى بها الجمل رئيسه الحالى الدكتور عصام شرف والذى هو فى رأيه «بسكوتة» مرة، و«حتة سكرة» مرة أخرى، وأخيرا «حنين حنية غير طبيعية».

والحقيقة أن الدكتور الجمل أخذ على نفسه ألا يغضب أحدا، بمن فى ذلك أحمد شفيق رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع، والذى قال الجمل فى وداعه إن مصر خسرت أحمد شفيق.

لكن أبرز تناقضات الجمل وأفدحها كانت موقفه من قضية الدستور والانتخابات، وأيهما يأتى أولا، فقد أمضى الجمل أسابيع عدة يناضل بالصوت والصورة مطالبا بوضع الدستور أولا قبل الذهاب إلى أية انتخابات، حتى أن الرجل تعرض لحملات شعواء طالبت بإجباره على الرحيل عن الحكومة، وعلى نحو مفاجئ تراجع الجمل عن مواقفه وأقواله السابقة، معلنا أنه مع الانتخابات أولا وضد الدعوات المطالبة بوضع دستور تسير عليه البلاد.

ومن المهم للغاية هنا أن نقرأ السياق الذى أعلن فيه الجمل تراجعه عن تأييد دعوة الدستور أولا، فقد فاجأنا الرجل الذى طالما تحدى الذين يطالبون برحيله مشددا على أنه لن يستقيل، فاجأنا بتقديم استقالة إلى رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، وهى الاستقالة التى قيل إن الأخير قبلها، لكن المجلس العسكرى قرر رفضها وكأنها لم تقدم.

فى وسط هذه الزوبعة التى انتهت بتكريس بقاء الجمل فى موقعه ذهب الرجل إلى الإسكندرية وهناك تعرض لإهانات من بعض الجماهير بلغت حد منعه من الكلام فى أحد المؤتمرات، ليظهر بعدها فى زيارة دافئة إلى مقر حزب الإخوان، معلنا تراجعه عن موقفه المؤيد للدستور أولا، لينحاز إلى معسكر المهرولين إلى الانتخابات البرلمانية.

غير أن الجمل لم يشأ أن تتوقف الدراما عند هذه النقطة، إذ أعلن فى برنامج على التلفزيون المصرى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرر ترحيل الانتخابات من سبتمبر إلى ديسمبر، وإن هى إلا ساعات حتى أصدر المجلس بيانا على صفحته ينفى فيه اعتزامه تأجيل الانتخابات، ليعود السؤال مرة أخرى: باسم من يتحدث هذا الرجل «الكبرة»: الحكومة أم المجلس العسكرى؟

إن الجمل يفخر دائما بأنه أول من حذر من الثورة المضادة، وهو ذاته الذى يفرض رموز النظام السابق فى كل المجالس التى يسند إليه تشكيلها، من مجلس حقوق الإنسان، إلى مجالس الحوار الوطنى والوفاق القومى.. ولذلك سيبقى أبرز مفارقات العهد الجديد.

وائل قنديل كاتب صحفي