معركة التمييز - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 8:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معركة التمييز

نشر فى : الثلاثاء 29 أكتوبر 2013 - 8:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 20 نوفمبر 2013 - 7:11 م

من المعارك الجانبية حول إعداد التعديلات على دستور ٢٠١٢، وضع ما يمكن تسميته بالأقليات، مثل المرأة والأقباط والنوبة، وهى ثلاثية شديدة الإزعاج، خاصة أن هذه الثلاثية تطرح مطالبها منذ فترة طويلة سبقت ثورة يناير بعدة سنوات، وفى زمن ما قبل الثورة، نجحت المرأة فى الوصول إلى الكوتة التى تمنحها ٦٤ مقعدا على الأقل داخل المجلس التشريعى، بينما كان الأقباط ينتظرون دوما تعيينات السيد الرئيس ليحصلوا على بعض المقاعد التى لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة إلى جانب الذين يرشحهم ويدعمهم الحزب الوطنى بين مرشحيه والذين يتمتعون بفرص نجاح ممتازة، فى حين كان النوبيون خارج الصورة تماما. النقاش فى دستور ٢٠١٢ ــ وكذلك فى نقاشات تعديله الجارية حاليا ــ يتم بذات الاتجاه.. البحث عن كوتة لضمان تمثيل الأقليات، فى مواجهة رفض الكوتة باعتبارها تمييزا صارخا، وبينهما من يتحدث عن ضرورة التمييز الإيجابى لهذه الأقليات لفترة من الزمن، حتى يكون المجتمع قد وعى الفكرة وضرورتها وساعتها سيأتى بهؤلاء من دون كوتة أو تمييز إيجابى.

غير المفهوم فى القصة، أنه من المفترض أن الدستور لا يميز بين أىٍ من المواطنين، بما فى ذلك المرأة والأقباط والنوبيون، على اعتبار أن الدستور به من المواد ما يكفى لمنع التمييز وتجريمه، وبالتالى لا تحتاج هذه الأقليات لوجود من يمثلها داخل المجالس التشريعية لأن مصالحها ستحفظ ومطالبها ستتحقق بمواد الدستور التى لا يستطيع أى قانون تجاوزها، وساعتها لا توجد ضرورة لخلق كوته تضمن لهم وجودهم فى هذه المجالس، وهذا بالأساس ما يرمى إليه الدستور، وهذا ما تحققه مواد عدم التمييز، وهو أصل الصياغة الدستورية وأساس حق المواطنة الذى يحافظ على المساواة بين الجميع، لكن المواد التى منحت العمال والفلاحين نصف مقاعد المجالس النيابية على الأقل، فتحت الباب فى رغبة كل الفئات فى الحصول على وضع مميز يصنع لها وجودا مضمونا داخل هذه المجالس، وفى ذات الوقت، فإن استمرار حصول العمال والفلاحين على كوتة تلتهم نصف المجالس على الأقل، يدفع الفريق الرافض للكوتة، أو للتمييز الإيجابى، لرفض كوتة جديدة لفئات جديدة لأنها لن تكون مؤقتة بأى حال من الأحوال بدليل كوتة العمال والفلاحين التى استمرت لأكثر من ستين عاما، ويظهر جليا صعوبة إلغائها كما يبدو لنا من النقاشات الدائرة حاليا، فمن يقترب من هذه الكوتة كمن يلقى بنفسه للتهلكة.

المشكلة كالعادة أن القوى السياسية لا تريد أن تتحمل مسئوليتها، ولا تقدم مرشحين يعبرون عن الفئات التى تطالب بتخصيص مقاعد لها، وكان ذاك واضحا فى انتخابات مجلس شعب ٢٠١٢، ثم فى نقاشات مجلس الشورى، الذى رفض غالبيته تقنين وضع المرأة فى القوائم أثناء مناقشة قانون الانتخابات قبل تعديله على يد هذا المجلس، وكل ذلك دفعنا للعيش فى أزمة مجانية ما بين الكوتة التى تعتبر تمييزا فى جميع الحالات، وبين غياب الكثير من الفئات عن مجالسنا التشريعية والنيابية، والحل الأمثل للحفاظ على دستور عصرى حديث، يعيش ويبقى، هو أن تتحمل القوى السياسية مسئوليتها تجاه فئات المجتمع المختلفة للتعبير عن مصالحها، أما إذا بقينا فى هذا المربع الكريه، فلن نحصد سوى المزيد من الخلافات وتعميق لأزمة المواد الخلافية داخل جمعية جاءت أصلا لوأد خلافات المصريين حول الدستور الذى أشعل ثورة أطاحت بمن وضع هذا الدستور.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات