النظر من خارج غابة الأشجار - خالد الخميسي - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 12:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النظر من خارج غابة الأشجار

نشر فى : الأحد 29 يناير 2012 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأحد 29 يناير 2012 - 9:30 ص

أنا ضد الديمقراطية التمثيلية. أنا ضد الفكر الليبرالى. أنا ضد الدولة الدينية. أنا ضد النظام الشيوعى. أنا ضد النظام الدولى القائم. أنا ضد النظام الرئاسى. أنا ضد النظام الحزبى. أنا ضد النظام البرلمانى. أنا ضد جامعة الدول العربية. أنا ضد ثقافة النظام الأبوى. أنا ضد هيئة الأمم المتحدة. أنا ضد القهر. أنا ضد الاستعمار. أنا ضد الفوضوية. أنا ضد الشعبوية. أنا ضد النظام الاستبدادى. أنا ضد النظام العسكرى. أنا ضد النظام العنصرى. أنا ضد النظم الهيراركية. أنا ضد النظام الرأسمالى. أنا ضد النظام المركزى. أنا ضد العولمة كما نعيشها. أنا ضد نظام التلقين.

 

أنا مع النزعة الإنسانية. أنا مع الإبداع. أنا مع الفكر المتجدد. أنا مع الفكر النقدى. أنا مع الخيال. أنا مع الحب. أنا مع الاختيار الإنسانى الحر. أنا مع الغور فى العالم التاريخى والثقافى لاستشراف رؤى فكرية جديدة. أنا مع الشعر. أنا مع المواطنة. أنا مع اللامركزية. أنا مع حقوق الإنسان. أنا مع العولمة التى سوف نبدعها. أنا مع الدفاع عن التعدد اللغوى والثقافى. أنا مع إبداع نظام جديد لإدارة الكون. 

 

هل هذا معناه أننى خارج العالم باعتبارى ضد كل النظم السياسية القائمة؟

 

لا أظن. فالنظم السياسية والاقتصادية، والفكر السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى أنتجته البشرية حتى الآن لم يصبح مناسبا للتعامل مع المعطيات الإنسانية الجديدة، ولا يستطيع التعاطى مع الإشكاليات الفكرية والعلمية والأخلاقية والاقتصادية والمناخية والتقنية والاجتماعية التى تفجرت فى نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحالى. فلنأخذ قضية واحدة فقط من عشرات الملفات المتفجرة بالإشكاليات، ألا وهى قضية الموارد المتاحة للبشرية وتوزيعها على السكان. يسكن الكرة الأرضية هذا العام سبعة مليارات نسمة لا يصل الغذاء والماء اللازم لمعظمهم، بينما نتج عن الزيادة الكبيرة فى الثروة التى تحققت خلال العشرين عاما الماضية أن الكوكب يكفى ــ بالإمكانيات التقنية والبشرية الحالية ــ لتغذية أكثر من ضعف عدد السكان الحالى.

 

كان الحلم مع تفجر ثورات العرب خلال 2011 أن تطرح هذه الثورات رؤى جديدة لإدارة الكون، تعريفا جديدا لمفهوم السياسة. تطبيقات جديدة لمفهوم الإدارة. نظما جديدة لمفهوم المحاسبة. ولكنها لم تستطع حتى الآن أن تقدم الجديد. كان العالم ينتظر من الثورات العربية سطرا جديدا على صفحة جديدة، ليبدأ البشر بعدها من كل أنحاء العالم فى الاشتراك الجماعى فى عملية سطر أفكار ثورية على صفحة ثورات 2011.

 

أدرك العالم ــ خاصة العالم الغربى ــ منذ سنوات أنه يعيش نهاية مرحلة الديمقراطية التمثيلية. فقد ابتدع فى القرن الثامن عشر فكرة مضادة تماما للديمقراطية، ألا وهى انتخاب ممثلين عن الشعب، وتصور بعدها أن هذا التمثيل هو الديمقراطية. ثم بدأت الأقنعة تسقط مع تراجع دور المؤسسات المنتخبة، وتزايد دور لاعبين جدد يسيطرون على إدارة الملفات الأساسية فى الدولة، ويتميزون بانعدام الشفافية. كما أن المواطن لا يستطيع مراقبة ومحاسبة هؤلاء اللاعبين الجدد. فقد المواطن فى الدول الديمقراطية، خلال العقد الماضى، وخاصة شريحة الشباب، أى إيمان بالديمقراطية التمثيلية، وبالنظام الحزبى. فأصبحت الأحزاب متشابهة، ولا تمتلك فى الحقيقة القدرة على تغيير الواقع، وإنما على العكس أصبحت صنيعة اللاعبين الجدد. وانحسر دور «السياسى» فى استكمال العرض المسرحى الموسمى الخاص بالانتخابات التشريعية والرئاسية وسط سخرية المشاهدين.

 

ما الحل؟

 

لابد من إعادة التنظيم الداخلى للمجتمع، إعادة التفكير فى التمثيل السياسى، نطاقه وحدوده، إبداع آليات سياسية جديدة. إعمال الخيال فى خلق نظم إدارية جديدة، علاقات رأسية وأفقية تربط شرائح اجتماعية تحتاج إلى تعريفات جديدة.

 

لابد أن ننتقل من الديمقراطية التمثيلية إلى ديمقراطية التشارك الاجتماعى.

 

لابد أن نربط بين إدارة أصحاب مهنة واحدة فى قرية وإدارة الكون.

 

أنا مع إبداع حزمة جديدة من الأفكار للتعاطى مع الإشكاليات الأخلاقية والعلمية والاجتماعية والمناخية القائمة.

 

أنا مع إبداع آلية جديدة لتشغيل النظام العام للكون.

 

●●●

 

أرى أن أترك المنغمسين فى الشأن السياسى القائم وأدعو لهم جميعا بالتوفيق. ومن يرى معى أنه يجب ــ على البعض ــ النظر من خارج غابة الأشجار، والعمل على إبداع هذه الحزمة من الأفكار الجديدة لإدارة السياسة، فلينضم إلى الائتلاف الذى أشكله الآن بكتابة هذا المقال، ائتلاف للإبداع السياسى. من يتحمس منكم أن يترك معترك السياسى ويدخل فى معترك الشعرى (دون التوقف عن التظاهر والاحتجاج والإضراب والاعتصام) فهذا هو الوقت الأمثل للبدء.

 

سوف أعلن خلال الأسابيع القليلة القادمة معلومات عن هذا الائتلاف وأتمنى أن يستطيع أن يقدم أفكارا جديرة بالثورة المصرية، لن تكون هذه الأفكار قابلة للتطبيق الفورى ولكن كل الأمل أن تفتح آفاقا جديدة للمستقبل.     

 

خالد الخميسي  كاتب مصري