الدبلجة - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 4:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدبلجة

نشر فى : الجمعة 29 مايو 2009 - 6:44 م | آخر تحديث : الجمعة 29 مايو 2009 - 6:44 م

 أثناء الحكم الفاشى فى إيطاليا، أصدر الدوتشى موسولينى قانون «الدبلجة» الذى يحتم استبدال أصوات ممثلى الأفلام الأجنبية بأصوات ممثلين إيطاليين.

طبعا، القانون يصب فى طاحونة الرقابة المشددة، حيث من الممكن، ومن السهل، حذف وتغيير جمل الحوار التى لا تتماشى مع الفكر الفاشى، بل وصل الأمر إلى حد قلب المعنى وإعادة رسم العلاقات بين أبطال الفيلم، وفى ذات الوقت، تمنع الدبلجة أو تعرقل تواصل الجمهور مع اللغات الأجنبية، خوفا من الاطلاع على ثقافة غير الثقافة الفاشية.

وهذا ما حدث فى دول أخرى مثل ألمانيا النازية وإسبانيا الديكتاتورية. رحبت النقابات الفنية بالقانون، ذلك أنه يخفف من بطالة الممثلين إبان تراجع الإنتاج السينمائى خلال الحرب العالمية الثانية، ومع تكرار الدبلجة أصبح صوت الممثل الإيطالى ملازما للممثل الأجنبى، فهذا مخصص لأداء صوت مارلون براندو، وذاك حكر على بول نيومان، وهذه مرتبطة بإليزابيث تيلور، وتلك تؤدى صوت مارلين مونرو، ولاحقا، امتد قانون الترجمة ليشمل المسلسلات التليفزيونية سواء فى إيطاليا أو ألمانيا أو إسبانيا.

فى مصر ، لم يستسغ الجمهور فكرة «الدبلجة»، وأحسب أنها نقطة ذوق تحسب له، فصوت الممثل الأصلى، على الشاشة، جزء من شخصيته، لا يمكن لأحد أن يحل مكانه، فى الأربعينيات دبلج المخرج أحمد كامل مرسى «مستر سميث يذهب إلى واشينجتون لفرانك كابرا 1939»، وفضل الجمهور النسخة الأمريكية، وفى الستينيات دبلج المخرج سيد عيسى العديد من الأفلام السوفييتية، وأظن أن هذه الدبلجة كانت من أهم أسباب انزعاج الجمهور من السينما السوفييتية. لم يقتنع أحد أن تصبح سميحة أيوب فرنشاكية، ويغدو عبدالله غيث ديميترى، وبالضرورة أغلق ملف الدبلجة فى السينما المصرية، إلا فى حدود بعض أفلام الكارتون، وذلك لطبيعة شخصياتها المعتمدة على الرسم والبعيدة عن الحضور البشرى.

ولكن أخيرا بدئت دبلجة بعض المسلسلات المكسيكية ثم التركية ولا أتوقع استمرارها، بسبب نفور قطاعات عريضة من مشاهدين يشعرون بشرخ فى التلقى.

انهار الحكم الفاشى فى إيطاليا، وانتهت النازية فى ألمانيا، وتلاشت الديكتاتورية فى إسبانيا، لكن الدبلجة بقيت على حالها، فيبدو أن جمهورها تعوّد عليها، وأدمنها.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات