نسور الجو فى سماء بلبيس - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 9:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نسور الجو فى سماء بلبيس

نشر فى : الخميس 30 يوليه 2015 - 9:35 ص | آخر تحديث : الخميس 30 يوليه 2015 - 9:35 ص

طوال نحو ساعتين، ظهر الاثنين الماضى، جلست متسمرا فى مكانى فى المنصة الرئيسية لمشاهدة الاحتفال بتخريج الدفعتين ٨٢ طيران وعلوم عسكرية فى مقر الكلية الجوية فى بلبيس.

الدفعة حملت اسم الفريق الراحل سعد الدين الشاذلى، وهى إشارة مهمة إلى أن القوات المسلحة لا تنسى أبناءها، وأن مكر التاريخ أكبر من كل شخص أو نظام، مهما تصور حجم جبروته.

شاهدت احتفالات كثيرة بتخريج دفعات عسكرية، وشاهدت قبل شهور مناورة مهمة للقوات الجوية فى وادى النطرون، فى إطار المناورة الاستراتيجية الكبرى وقتها لجميع الأسلحة الرئيسية بالقوات المسلحة، لكن احتفال يوم الاثنين الماضى كان مختلفا ومبهرا ومطمئنا.

قبل أن تبدأ الطائرات المختلفة استعراضها كان مئات من طلاب الكلية الجوية يهتفون بصوت جهورى «اسلمى يا مصر إننى الفدا»، فى حين كان مذيع الاحتفال يتحدث بلغة عربية سليمة قائلا: «هؤلاء هم خيرة شباب مصر، العين التى لاتنام لتحرس مع بقية القوات المسلحة كل شبر فى أرض الكنانة، جيل جديد ينضم لحماية سماء مصر، جيش يحمى حدود الوطن ويردع الإرهابيين، ودماء جديدة تتدفق فى شرايين القوات المسلحة».

نحو ٢٥٠ طائرة بدأت الاستعراضات وكانت أولاها تشكيلات كتبت ورسمت فى السماء بخيوط الألوان «تحيا مصر»، ثم الأهرام، وبعدها دلتا نهر النيل.

خلال الاحتفال كانت إحدى الحركات المتكررة هى الطائرات التى تتقاطع، وتبدو وكأنها سوف تتصادم، شىء مرعب بالنسبة للمواطن العادى مثلى، لكنها كانت تتم بمنتهى المهارة والاحترافية والتصفيق المستمر من الحضور.

نفس الأمر كان يتكرر حينما تقوم العديد من الطائرات بالدوران الحاد، أو المناورة الأفقية مع التزحلق للأجناب، أو التقلب الرأسى.

مثل هذه المناورات تتطلب لياقة بدنية وسلامة طبية على أعلى مستوى، لأنها تتم عكس الجاذبية الأرضية، ولذلك ليس غريبا أن تكون المواصفات التى يجب أن تتوافر للمتقدمين للكلية الجوية هى الأشد على الإطلاق تقريبا.

فى منتصف الاحتفال قدمت الطائرات المشاركة بيانا عمليا على كيفية تنفيذ الضربة المصرية ضد بعض مواقع جماعة داعش الإرهابية فى ليبيا فى ١٦ فبراير الماضى، وكيف كان التنسيق على أعلى مستوى، منذ بدء التحرك لاستطلاع الأهداف وحتى العودة بسلامة الله إلى أرض الوطن.

طائرات متعددة شاركت فى الاحتفال من أول طائرات التدريب الصغيرة إلى الهليكوبتر والأباتشى والكازا والشينوك والجازيل وكرافت وسى ١٣٠ والميراج والبافلو والكى إيه ومى ١٧.

وعندما أعلن مذيع الحفل عن تحليق الطائرة الرافال من يسار المنصة، استمعنا إلى زغاريد متواصلة من أهالى وأقارب الطلبة الخريجين . هذه أول مرة تشارك فيها الرافال الفرنسية فى التشكيلات بعد وصولها لمصر منذ أيام قليلة، وكما قال مذيع الحفل فإنه بانضمام هذه الطائرة فقد تراجعت أهمية «الفتح الاستراتيجى»، حيث إنها ليست فقط طائرة متعددة المهام، بل هى طائرة كل المهام.

طائرتا رافال مكتوب عليهما «تحيا مصر» حلقتا ثم هبطتا بسلام أمام المنصة وعلى يسارها، وعندما صعد الطيارون الأربعة إلى المنصة لتحية الرئيس عبدالفتاح السيسى والفريق أول صدقى صبحى والفريق محمود حجازى والفريق يونس المصرى وبقية القادة، ظل الجميع يصفقون بحرارة.

قدم الطيارون جاكت الرافال هدية للرئيس، ثم تواصلت الاستعراضات ورسمت بعض الطائرات قلبا كبيرا فى سماء المنطقة، ثم أجرت مناورات الرجل المفقود، والنافورة والأخطبوط، والإعصار، وأخيرا استعراض «الوردة المتفتحة» هدية إلى الخريجين الذين كان من بينهم طلاب من ليبيا والبحرين.

مستوى الأداء كان مبهرا، ويستحق الطيارون تحية مضاعفة لأن حجم الإجهادات العصبية والطبية والبدنية التى تتطلبها الطائرات الحديثة أمر لا يتوافر إلا فى عدد محدود من الشباب.

هذا المستوى الراقى يجعلنا نشعر بالاطمئنان، ونحن نعيش خطر الإرهاب العشوائى، ووسط هذه المنطقة المضطربة من إيران وتركيا إلى إثيوبيا، نهاية بالعدو الصهيونى الرئيسى.

تحية لكل جنود وضباط وقادة الجيش المصرى على هذا المستوى المتميز، وتحية تقدير للفريق يونس المصرى، قائد القوات الجوية، واللواء ياسر جبر، مدير الكلية الجوية، وكل شخص ساعد فى الوصول إلى هذا المستوى.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي