ماذا عن الحياة الحزبية فى مصر 2017؟! - جورج إسحق - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 5:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا عن الحياة الحزبية فى مصر 2017؟!

نشر فى : الخميس 30 نوفمبر 2017 - 10:20 م | آخر تحديث : الخميس 30 نوفمبر 2017 - 10:20 م
لقد كانت أولى خطوات السادات بمناسبة انتخابات مجلس الشعب أن سمح بإنشاء منابر (أجنحة) متعددة داخل التنظيم الواحد (الاتحاد الاشتراكى) عام 1974 ثم فى مارس 1976 تحولت المنابر إلى تنظيمات (اليمين / الوسط / اليسار) وفى نفس العام أصبحت هذه المنابر أحزابا تحت مسميات حزب (اليمن / الوسط / اليسار) وكانت أول محاولة للخروج من عباءة التنظيم الأوحد، وصدر بعدها القانون رقم 40 لسنة 1977 فى شأن الأحزاب السياسية وقد كانت هذه الأحزاب بمثابة تعبير عن قوى اجتماعية جديدة اصطدمت مصالحها مع العديد من السياسات القائمة، وكان أشدها اختلافا حزب اليسار الذى تبنى عددا من التوجهات التى تختلف جذريا مع النظام توجت بأحداث يناير 1977. 

وفى مايو 1980 عدلت المادة الخامسة من الدستور، وهذه المادة أعطت لكل مصرى الحق فى الانتماء لأى حزب سياسى.
وقد كان أول هذه الأحزاب حزب مصر العربى الاشتراكى تأسس عام 1977 وأصبح الوريث للنظام الشمولى، وعلى الرغم من التعدد الحزبى فقد استولى هذا الحزب على غالبية مقار الاتحاد الاشتراكى... ولم يستمر هذا الحزب طويلا فسرعان ما قرر السادات تأليف الحزب الوطنى الديموقراطى الذى ورث كل مقومات النظام الشمولى من احتكار للسلطة وتضييق على المعارضة وتبنى سياسات تخدم فقط طبقة رجال الأعمال الذين ونفذوا من خلاله حزمة من السياسات الاقتصادية التى تصب فى صالحهم فقط وتمكنوا من الحصول على عضوية مجلس الشعب والمجالس المحلية ومثلوا سندا للحكومة والنظام ووقفوا لأى محاولة تقوم بها المعارضة سواء من خلال ما تقدمه من مشروعات قوانين أو استجوابات أو طلبات إحاطة.. وهكذا تبقى المعارضة مكبلة غير قادرة على تعديل السياسات الحكومية...

***

أما فى عهد مبارك فقد بلغ عدد الأحزاب المسموح لها بالعمل السياسى فى مصر نحو 24 حزبا، يأتى على رأسها أحزاب: الوفد، والأحرار، والتجمع الناصرى، والغد، والجهة الديموقراطية، والعمل.. وكل هذه الأحزاب مجتمعة لا تملك أى قدرة على تكوين جبهة معارضة للحكومة، وهذا لا يرجع ــ فقط ــ لتمثيلها الضعيف فى البرلمان، ولكن يضاف إلى هذا حالة الانسداد الديموقراطى التى شهدتها البلاد خلال هذه الفترة، وكذلك احتكار الحزب الوطنى للعمل السياسى بشكل شبه كامل كما كان يحتكر وسائل الاتصال الجماهيرية لإقرار سياساته وأفكاره واستخدامه القوى الأمنية لقمع وترهيب المعارضين، وأيضا ما يحدث الآن.

وقد نتج عن ذلك تحولات احتجاجية بدأتها حركة كفاية سنة 2004 ولحقتها حركات احتجاجية ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعى فى 2008 والتى كانت سببا رئيسيا فى نشوء حركة 6 إبريل وكانت هذه الحركات نواه لحراك سياسى أكبر أدى مع كثير من العوامل المختلفة لقيام ثورة يناير 2011. 

وقد شهدت الحياة الحزبية انتعاشا ملحوظا مع موجة الانفتاح السياسى عقب ثورة 25 يناير، ووصلت إلى ذروتها فى الفترة من عام 2011 حتى عام 2013، وعلى الرغم من حالة النهم السياسى الحزبى بعد ثورة يناير ولكنها قامت من غير أسس وقواعد حقيقية، قامت دون تدريب وتمكين الشباب حديثى العمل بالسياسة، قامت دون فهم حقيقى لأهمية التعدد الحزبى بناء على الأيدولوجيات فكانت تسيطر روح الوحدة والتجمع خلف كيان واحد على العمل السياسى خلال هذه الفترة والتى فرضتها الحالة الثورية فى الميدان والتى كانت لا بد أن تتطور لتعددية حزبية حقيقة قائمة على الأيديولوجيات ومفهومها الحقيقى حتى تحقق نوع جديد من التنافسية القائمة على الوعى السياسى لا على العاطفة الثورية. وعلى الرغم من ذلك حققت الأحزاب خلال هذه الفترة عدة نجاحات مهمة، حيث نجحت فى فرض مطالبها المتعلقة بالنظام الانتخابى فى برلمان 2011، واستطاعت أن تحصد أغلب المقاعد الفردية أيضا، وتكلل المجهود الحزبى بتشكيل جبهة الإنقاذ الوطنى لإسقاط حُكم محمد مرسى فى 2013، كما حظيت الأحزاب بأكبر تمثيل سياسى لها فى تاريخ مصر منذ عام 1952 فى حكومة حازم الببلاوى.

***
وعقب الوصول إلى قمة الحالة الحزبية فى مصر، بدا وجود ثمة تراجع شديد فى الفاعلية السياسية للأحزاب وذلك الموجة الثورية فى 30 يونيو والتى أدت إلى تراجع شديد فى عدد المهتمين بالشأن العام فى مصر، خاصة بعد إعلان الدولة الحرب على الإرهاب، وما تبع ذلك من تضييق على العمل السياسى الميدانى وعلى الفاعلين السياسيين أنفسهم.
أدت سياسات ما بعد 30 يونيو إلى غلق المجال العام فى مصر، خاصة العمل السياسى، خاصة بعد تقييد حركة الأحزاب السياسية فى ظل حرب الدولة المُعلنة ضد الإرهاب، وعدائها لمختلف القوى السياسية المختلفة مع أجندة الدولة، علاوة على التضييق على نشاط المجتمع المدنى وتجميد عمله وتهديد العاملين به تحت مسمى يعرف بــ«قضية التمويل الأجنبى».
فى لقاءين خليا من أى نتائج سياسية، التقى الرئيس عقب 7 أشهر من توليه الرئاسة بعدد من قيادات الأحزاب السياسية، وجاء هذا بمناسبة إعلان الشروع فى إجراءات الانتخابات البرلمانية الأولى بعد 30 يونيو، وحث الرئيس خلال اللقاء قيادات الأحزاب على تكوين قائمة وطنية موحدة، وكرر الإعلان عن عدم احتياجه لتكوين ظهير سياسى، بينما لم يلتفت إلى مطالبهم المتعلقة بالنظام الانتخابى. 

***

وما عرف بقائمة «تحيا مصر» لا تختلف فى ثوبها كثيرا عن الحزب الوطنى الديمقراطى أيام مبارك مجرد تغيير فى الاسم والوجوه والمحتوى والهدف واحد. 

وعقب اتفاقية تيران وصنافير سعى النظام الحاكم على القبض على معظم شباب الأحزاب التى تظاهرت من أجل الدفاع عن الأرض الأمر الذى أنهك الاحزاب فى الدفاع عن هؤلاء الشباب، ومحاولة تحرريهم أصبحت هى الشاغل الأكبر بعيدا عن العمل الحزبى الحقيقى وهذا كان دوما توجها للأنظمة الأمنية الحاكمة. 

ونختم بدعوة الرئيس الأخيرة للأحزاب بالإندماج والعمل من خلال تكتلات قوية، وهو الأمر العجيب هل مفترض من الأحزاب أن تندمج باختلاف توجهاتها وأيديولوجيتها السياسية أم المعنى أن تنسق مع بعضها العمل السياسى والحزبى! وما هى الأحزاب الذى يقصدها سيادته الواقعة تحت الحصار الأمنى والتشويه الإعلامى وقمع شبابها أم الأحزاب المؤيدة.
أتمنى أن يرفع النظام الأمنى يده عن الأحزاب السياسية ويتركها تعمل بجد دون قمع وتشويه وتجسس ومحاولة تدمير شبابها قبل أن نتحدث عن دمج أو تعدد. وإعطاء الفرصة للمعارضين للتحدث فى الفضائيات ذات اللون الواحد والصوت الواحد التى كتلت كل وظائفها لتشويه القيادات الحزبية بأباطيل وأكاذيب وجهل لم نره من قبل. 

هل حان الوقت لفتح المجال العام حتى يتنفس الناس قبل لحظة الإنفجار ؟!
جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات