افتقاد إيقاع الحياة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

افتقاد إيقاع الحياة

نشر فى : الجمعة 31 يوليه 2009 - 8:12 م | آخر تحديث : الجمعة 31 يوليه 2009 - 8:12 م

 شاهدته منذ عقدين من الزمان، بعض لقطاته ظلت تتراءى لى من دون استدعاء، تماما مثل مقطع فاتن من أغنية تحبها، تتهادى أنغامها من داخلك، تتمنى أن تسمعها كاملة، وإذا كان من السهل الحصول على شريط أغنية فإن الأمر يختلف بالنسبة للسينما، خاصة الأفلام التسجيلية العزيزة المنال، والتى لا يكترث بها التليفزيون إلا فى المناسبات، ولكن من الإنصاف ذكر برنامجين متميزين، قديمين، توقفا عن التوالى، بدون أسباب مفهومة: «سينما فى علب» الذى قدمه، بيقظة ومهارة، شفيع شلبى، معبرا فى عنوانه عن تلك الأفلام السجينة فى علبها، ثم «سينما لا تكذب ولا تتجمل» الذى كان يعده الناقد على أبوشادى ويقدمه المذيع الرقيق والفنان، رحمه الله، عبدالرحمن على.

بعد عشرين عاما، أعدت مشاهدة «إيقاع الحياة» لعطيات الأبنودى، وجدت رونقه، فى نظرى، ازداد لمعانا، وبدت وجوه أقاربنا الصعايدة، رجالات و نساء، وأطفالا، أعمق حضورا، ذلك أن كاميرا عطيات الأبنودى لا تصور أبطالها بقدر ما تحنو عليهم، تعشق خطوط التجاعيد التى تعبر عن مرور الزمن، تحترم السواعد ذات العروق النافرة التى توحى بأن أصحابها لم يتوقفوا يوما عن العمل، تحب ملامح البراءة المتوفرة فى عيون الأطفال، تغتبط للحظات الفرح عند الأهالى، تأسى لمواقف الحزن التى يمرون بها. إنها كاميرا لا تسجل بقدر ما تعايش، وبالتالى يتحول الفيلم إلى قطعة من الحياة. مثل معظم أفلامهم، لا تستعين بمعلق من خارج الكادر، فالناس عندها هم الذين يملكون حق الكلام، وهى تستبعد الموسيقى التصويرية، تعتمد على المؤثرات الصوتية: هديل الحمام، صياح الديوك، تداخل الأصوات البشرية، وأحيانا تأتى الموسيقى، بالضرورة، من داخل الموقف، فى الفرح نرى ونسمع عازفى المزمار وضاربى الدفوف والطبل هنا، الوجوه جميلة، من دون مكياج. تقسم عطيات فيلمها إلى أربعة أقسام: «شئون الحياة»، «من يحافظ على التراث»، «بين دفتى النيل»، «الميلاد، الموت، البهجة»، وسواء اقتنعت بهذه التقسيمة أو لم تقتنع، مثلى، فإن الفيلم يتدفق بالعلم، فها هى إحدى الأمهات تصر على تعليم أولادها الأربعة، وإذا كان «إيقاع الحياة» يحتفى بالميلاد، استمرار الحياة، بمعايشة تفاصيل «السبوع»، وتعميد المواليد فى الكنيسة، فإنه يلتفت إلى الراحلين، يودعهم مع الثكالى والندابات، ولكنه لا يعتبر الأحزان قدرا دائما، فسرعان ما تتدفق الحياة ببهجة زفاف البنات.. أتمنى ألا يغيب عنا «إيقاع الحياة»، وأن نراه فى قناتنا الثقافية أو الدرامية أو أى قناة من قنواتنا الكثيرة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات