صدق أو لا تصدق - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صدق أو لا تصدق

نشر فى : الثلاثاء 22 يوليه 2014 - 8:35 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 22 يوليه 2014 - 8:35 ص

آخر ما كنت أتوقعه، أن تغضب السجانات من طريقة تقديمهن فى «سجن النسا»، بل على العكس، ظننت أن صورتهن فى المسلسل ستنزل بردا وسلاما على قلوب تلك الفئة العاملة فى المجتمع، والتى تجنت عليها الأفلام المصرية كثيرا.. السجانة، فى عالم الأطياف، تبدو وكأنها قادمة من الجحيم، قوية البنية، قلبها كجلمود صخر، لا تعرف الرحمة، قاسية الطباع والملامح، حتى أن بعض الممثلات الثانويات، الأقرب للكومبارس، تخصص فى هذا الدور، على رأسهن تلك السيدة ذات اللون الأسمر الداكن، بملامح وجه غليظة، وشعر أكرت، مجعد، بالإضافة لصوت نحاسى ينذر بالخطر.. وهى فى الحياة، امرأة شعبية طيبة، اسمها فايزة عبدالجواد.

على النقيض تماما من هذه الصورة النمطية الظالمة، ازدهرت الشاشة الصغيرة بسجانات تمتلئ قلوبهن بالرحمة، من بينهن «إحسان»، بأداء بديع من الموهوبة، سلوى عثمان، المتفهمة بعمق، لمعنى الصداقة وجوهر الأمومة.. كانت ــ فى المسلسل ــ صديقة والدة البطلة، غالية، زميلتها فى العمل، جارتها فى السكن، أصبحت الأم البديلة للشابة الوحيدة. تحنو عليها، تقف إلى جوارها، وحين تتعرض «غالية» لمحنة تدخل على إثرها وراء القضبان، تحاول مع مراعاة القانون، التخفيف من وطأة الأيام السوداء، التى تعيشها «غالية»، تحتضنها بعينيها، مدركة بإحساس صادق، أن ابنة صديقتها، مظلومة.. سلوى عثمان، تجسد شخصية إنسانية على قدر كبير من النبل.

حاولت طوال الساعة، زمن أحد البرامج التليفزيونية، أن أتفهم وجهة نظر سجانة، معترضة على صورة السجانات فى المسلسل، ومعها زوجها ــ صاحب ميكروباص ــ ملتهب الانفعالات، يتشكى من مناداة البعض لزوجته باسم «غالية»، وبينما أخذ المذيع وائل الإبراشى، يضحك فى كمه، بدا الإرهاق النفسى واضحا على وجه ناقدنا المدافع عن حرية التعبير، طارق الشناوى، وقد أدرك ــ فيما يبدو ــ أنه بإزاء «حالة» لا آذان لها، لا تستطيع ان تسمع، ولا تريد أن تتفهم.

هذه «الحالة» الغريبة، تمتد لتشمل فئات فى أعلى السلم الاجتماعى، منها على سبيل المثال لا الحصر، ذوو المعاطف البيضاء، أصحاب المهنة النبيلة التى تخفف آلام الناس، الأطباء، الذين استنكروا، بلا أسباب موضوعية، الصورة التى يجسدها مصطفى شعبان فى «دكتور أمراض نسا»، مما دفعهم ــ حسب ما نشر فى الصحف ــ إلى رفع قضية تطالب بإيقاف المسلسل، لأنه «يظهر صورة سلبية عن الأطباء».. «دكتور أمراض نسا»، عمل كوميدى خفيف، يعتمد على المفارقات وانقلاب المواقف والفهم المغلوط والمقالب، ولا يخلو من نقد اجتماعى وسياسى، معتمدا على المآزق التى تتوالى على بطله، بكتابة أحمد عبدالفتاح وإخراج محمد النقلى.

الدكتور عمر ــ مصطفى شعبان ــ من الناحية المهنية، يتسم بجوانب إنسانية مشرقة، يبعث بالأمل فى نفوس من تتمنى طفلا، يقدم خدماته فى الولادة، بلا تردد، وفى ظروف قاسية، يتحاشى توريط أحد، يقف ضد الفساد، يراعى ويلتزم ويحترم قسم الأطباء.. إذن، لماذا الغضب؟.. عبثا تحاول أن تجد الإجابة.

ضيق بعض السجانات من «سجن النسا» لا منطق له، وكدر بعض الأطباء من «دكتور أمراض نسا»، غير مفهوم.. لكن فى الحالة التالية، الأخيرة هنا، وليست الأخيرة فى سلسلة القضايا، فإنها تأتى انزعاجا من إظهار حقيقة.

فى الحلقة الثانية من مسلسل «صاحب السعادة»، يقف «بهجت» ــ عادل إمام ــ بعربته، فى الطريق، لإنقاذ سيدة على وشك الولادة. يتجه بها، وزوجها، إلى أقرب مستشفى.. وبينما الحامل تجأر بالصراخ، يرفض الموظف المختص، بأدب وحسم، قبول «الحالة»، قبل دفع ثمانية آلاف جنيه.. ولأن الزوج، المدرس، ليس فى جيبه سوى أربعمائة جنيه، فإن بهجت يسلم الفيزا كارت الخاص به، كى يتسنى دخولها غرفة العمليات.. الموقف، وان كان كوميديا، فإنه صادق، وحقيقى، وبدلا من مناقشة أسبابه، وتداعياته، وحقوق المواطن الذى تضطره الظروف للتوجه لأقرب مستشفى، انتابت إدارة تلك المؤسسة الشهيرة موجة من الغضب، وقررت إقامة دعوى قضائية ضد المسلسل.. الدعوى، فى جوهرها، يعنى تحطيم المرآة، بعيدا عن معالجة أو تعديل ما تعكسه من واقع، يخجل منه صناعه.. إنها قضايا تحتاج لتحليل وتفسير، وليس لقضاة وإصدار أحكام.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات