أكدت كاتبات متخصصات في أدب الطفل أن الكتابة للطفل اليوم تتطلب فهماً عميقاً لاحتياجاته النفسية والاجتماعية، وتوازناً بين الفائدة والمتعة، وأن القصة الجيدة يجب أن تفتح أمامه أبواب الاكتشاف وتمنحه الأمان في مواجهة صعوبات الواقع، واعتبرن أن الطبيعة، والمدرسة، وحتى الفكاهة، تشكل عناصر غنية لبناء قصص مؤثرة، تعكس عالم الطفل وتلامس مشاعره، خاصة بالنسبة للأطفال المهاجرين الذين يعيشون بين ثقافتين، ويسعون للاندماج من دون أن يفقدوا جذورهم.
يأتي ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان "صياغة قصص تخاطب أطفال اليوم"، ضمن فعاليات الدورة الـ16 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، والتي استضافت كلاً من: الدكتورة بيان عمرو، الروائية المتخصصة في أدب الطفل والمحاضرة الأكاديمية في عدد من الجامعات، والكاتبة الأسترالية أندريا رو، صاحبة عدد من كتب الأطفال الأكثر مبيعاً، والكاتبة البريطانية من أصل باكستاني مريم حسن، الكاتبة البريطانية في الكتابة للأطفال، وأدارتها ساندي زانيلا.
وفي حديثها حول ما يتطلبه أدب طفل اليوم، أكدت الدكتورة بيان عمرو أن القصة الجيدة للطفل يجب أن تجمع بين الفائدة والجمال، وتساعده على فهم العالم من حوله والتعامل مع مشاكله.
وقالت: "القصة يجب أن تمنح الطفل شعوراً بالأمان والراحة، وتبني له عالماً خيالياً يساعده على تخطي صعوبات الواقع، بعيداً عن الأسلوب الوعظي أو فرض الأفكار".
وأشارت بيان إلى أن الكاتب هانز كريستيان أندرسن مثال ناجح، إذ كتب قصصاً مثل "فرخ البط القبيح" التي لامست مشاعر الأطفال في كل مكان وزمان، وعالجت قضاياهم من خلال الفكاهة.
وأضافت أن الطفل يحتاج إلى قصص تفتح له المجال للتفكير والمحاولة، لا إلى نهايات يفرضها الكاتب، بل نهايات يختارها الطفل بنفسه.
بدورها، أوضحت أندريا رو، أن الطبيعة تشكل مصدر إلهام رئيس لقصصها؛ لأنها تشبه عالم الأطفال في بساطتها وعفويتها.
وقالت إنها تكتب عن تفاعل الأطفال مع البيئة من حولهم، وتحديداً خلال أنشطتهم الخارجية مثل اللعب في الحدائق أو رحلات الاستكشاف، بهدف إيصال رسائل حول أهمية احترام الطبيعة والتعامل معها بلطف.
وأكدت أندريا أن الأطفال يشعرون بحرية حقيقية عندما يكونون في الهواء الطلق، ولهذا ترى أن تلك اللحظات تقدم مادة غنية ومؤثرة في أدب الطفل، وتؤمن أندريا بأن الكتابة عن هذه التجارب تساعد الطفل على تنمية وعيه البيئي، وتشجعه على الاكتشاف والتفاعل مع العالم الطبيعي بطريقة إيجابية وملهمة.
من جهتها، أوضحت مريم حسن أن المدرسة تمثل بالنسبة لها مرآة واضحة لاحتياجات الطفل، لذلك تعتمد عليها في تحديد موضوعات كتاباتها، وأشارت إلى أن المدرسة تكشف عن التحديات اليومية التي يواجهها الطفل، وتساعد على فهمه في بيئة طبيعية ومتكاملة.
وأكدت أن قصصها تتسم بالواقعية، وتركز بشكل خاص على الأطفال المهاجرين، الذين يعيشون بين عالمين: حبهم لثقافتهم الأصلية، ورغبتهم في التأقلم مع المجتمع الجديد. وتسعى من خلال كتاباتها إلى ملامسة هذه التحديات، وإعطاء الطفل مساحة لفهم ذاته والتعبير عن مشاعره.