ارتفاع أعداد الزائرين جيد للسياحة.. ولكن هل هو كذلك بالنسبة لسكان الوجهات السياحية؟ - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:00 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ارتفاع أعداد الزائرين جيد للسياحة.. ولكن هل هو كذلك بالنسبة لسكان الوجهات السياحية؟

(د ب أ)
نشر في: الإثنين 12 أبريل 2021 - 10:21 ص | آخر تحديث: الإثنين 12 أبريل 2021 - 10:21 ص

على الرغم من عودة هاواي لفتح شواطئها أمام السائحين في أكتوبر من العام الماضي، إلا أن الامر استغرق مزيجا بين عطلة الربيع والرغبة القوية لدى الكثيرين في السفر، قبل أن يشعر مسؤولو المطارات هناك بأن الوضع قد أوشك على العودة إلى ما كان عليه من جديد.

وذكرت وكالة "بلومبرج" أنه بحلول منتصف مارس الماضي، تجاوز عدد الركاب المحليين الذين وصلوا إلى المطارات، المستويات المتدنية التي كان قد شهدها عام 2020 بنسبة 400 بالمئة. ولا شك في أن ارتفاع أعداد الزائرين يعد أمرا جيدا يصب في مصلحة اقتصاد قطاع السياحة الذي تضرر بشدة في الولاية الأمريكية. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل يعد ذلك أمرا إيجابيا بالنسبة لسكان هاواي؟

الآن وبعد مرور عام على فرض قرارات إغلاق حدود الولاية لأول مرة، لمكافحة تفشي جائحة فيروس كورونا المسببة لمرض "كوفيد -19"، فقد أبدى الكثير من السكان المحليين إعجابهم بالوضع الطبيعي الجديد، الذي يتضمن إتاحة شواطئ غير مكدسة، وحركة مرورية سلسة، وهواء وماء أكثر نظافة.

وفي أحد استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا، قال ما يقرب من نصف سكان هاواي الواقعة في المحيط الهادئ، إن السائحين لم يعودوا يستحقون العناء من أجلهم.

وفي أنحاء العالم، أمضت اقتصادات أخرى تعتمد على السياحة، فترة تفشي جائحة فيروس كورونا، في الاستمتاع بجمال الحياة الخالية من الجحافل الزائرة. ويؤدي ذلك بدوره إلى تجديد النقاش العالمي بشأن "من تحديدا الذي يجب أن يستفيد من السياحة؟".

وتشير "بلومبرج" إلى أن قطاع السفر كان يتعين عليه على مدار العقد الماضي، مواجهة بعض الحقائق غير المريحة، والتي كان أحدها هو تأثير تلك الصناعة على تغير المناخ، حيث شكلت السياحة 8% من مسببات انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية خلال الفترة بين عام 2009 وعام 2013. وكانت المشكلة ذات الصلة، هي أن الرحلات الجوية منخفضة التكاليف كانت تنقل عددا كبيرا جدا من الأشخاص إلى وجهات العالم الساخنة.

وقد زار مدينة البندقية التي يبلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة، عدد كارثي من السائحين في عام 2017، يقدر بـ 5 ملايين سائح. وساهم هذا الاكتظاظ في حدوث تدهور بيئي ونزوح جماعي - بطيء ولكن مستمر - للسكان المحليين.

ويشار إلى أن هاواي ليست بكامل جاهزيتها من أجل تفريغها من السكان، إلا أن حالة الإحباط التي يشعر بها سكانها بسبب السياحة، عميقة. وكانت الولاية استقبلت في عام 1959 عدد 243 ألف سائح. واستقبلت في عام 1990 سبعة ملايين سائح. واستقبلت في عام 2019، 4ر10 ملايين سائح، يشترك جميعهم في المكان مع 4ر1 مليون شخص فقط من السكان المحليين.

ومع تدفق أعداد الزائرين، زادت الاختناقات المرورية الشديدة وظهرت تهديدات جديدة للمواقع البيئية الساحرة.

فعلى سبيل المثال، كان "خليج هانواما" - الذي يمثل صورة رائعة من صور الحياة البرية والذي تشكل عند فوهة بركانية ومغطى بالشعاب المرجانية - في يوم ما موقعا نائيا يتمتع به السكان المحليون. وبحلول الوقت الذي ظهرت فيه جائحة كورونا، كان الخليج يستقبل مليون سائح سنويا. ومن بين المشاكل الأخرى، أن هؤلاء الزوار سحقوا الشعاب المرجانية وكانوا يخلفون وراءهم في المياه 412 رطلا من عبوات واقي الشمس، يوميا.

وفي عام 2019، ساهمت السياحة بنحو 9ر8 تريليون دولار - أو 3ر10 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وساهمت في تشغيل 310 ملايين شخص (وذلك بصورة مباشرة وغير مباشرة). وقد كان تأثير انكماشها حادا في كل مكان، ولكنه كان قاسيا بشكل خاص في الدول الصغيرة ذات الأسواق الناشئة، حيث من الممكن أن يمثل القطاع ما يصل إلى 50 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

ولم تكن الخسائر المترتبة اقتصادية فقط. ومع التزام السائحين بالبقاء في منازلهم أثناء فترة تفشي الوباء، شهدت بعض المناطق الهشة بيئيا زيادات مدمرة في عمليات الصيد الجائر في الحياة البرية. وقد تم طرح الكثير من الحلول لمثل هذا التحدي في السنوات الأخيرة. وسعت بعض الجماعات لثني السائحين عن السفر جوا لمسافات طويلة. وصار السكان المحليون الذين ضاقوا ذرعا، ولاسيما في مجتمعات السكان الأصليين، أكثر صراحة في انتقاداتهم لدرجة أنهم بدأوا في تنظيم احتجاجات.

وقد اعتمدت بعض الوجهات فرض تعهدات استدامة على المسافرين. وعلى الرغم من أن زائري جزيرة هاواي لن يتم منع دخولهم بسبب رفضهم الالتزام بتعهد الاستدامة، إلا أن الرسالة التي يحملها التعهد، والخاصة بحجم المسؤولية الشخصية، لا يمكن أن تكون أكثر وضوحا.

ومع ذلك، فحتى لو قام كل سائح في العالم بالتوقيع على ذلك التعهد والتزم به، فإن تأثيره سيظل مشكلة. وقد أدت الزيادات الأخيرة في أعداد زائري بعض الأماكن مثل "شاطئ ميامي" (بغرض الاستمتاع بعطلة الربيع)، فقط إلى زيادة المخاوف من أنه من الممكن أن يعني انتهاء جائحة كورونا، استئناف ما كان معتادا في المجتمعات التي كانت تزورها أعداد كبيرة جدا من الزوار.

وسوف يتطلب إصلاح هذه المشاكل بعض سبل التفكير الجديدة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك